الجمهورية
يحيي علي
صباح جديد - "نكبة".. وليس "صفقة"
قطعاً.. الفرق كبير.. والبون شاسع.. بين إعلام موضوعي علي أسس سليمة يؤثر في الآخر.. وبين إعلام لا يحمل من المهنة إلا اسمها هش.. تتقاذفه المواقع والفضائيات.. فيسير خلف هذا الموقع حيناً.. ووراء الفضائيات والشائعات حيناً آخر.. ينقل عن الآخر كالببغاء بلا وعي.. حتي إذا أدرك أنه سقط في فخ معلومات مغلوطة.. أو شعارات جوفاء.. ولي وجهه إلي فضائية أخري.. أو موقع جديد فتري هذا النوع من الإعلام يظل باهتاً بلا قاعدة ولا قارئ ولا متابع.. كريشة تتقاذفها رياح عاتية فلا تستقر علي حال.. أما الإعلام الرصين الملتزم بالموضوعية المتمسك بميثاق الشرف والذي يراعي دوماً البعد القومي لما يبث من أخبار وأحداث فهو كالبنيان الثابت الذي لا تؤثر فيه ذرات الغبار المتطاير ولا الرياح والعواصف الواهية.
بعض الإعلام الخاص لدينا.. يحارب وطنه.. يهدم ولا يبني يحارب الأرض التي ينعم باستقرارها.. ويربح من قارئها ومشاهدها.. ولو عدنا قليلاً إلي أحداث 25 يناير 2011 لوجدنا أن كثيراً من الصحف والفضائيات ذات التمويل الخاص والأموال الموجهة كانت تعمل ضد استقرار وأمن الوطن وتغذي بذور الانشقاق والفتنة وتصب الزيت علي النار ليل نهار.
نفس وسائل الإعلام ذاتها والتي كانت تنفذ أجندة خارجية.. روجت لما يسمي ثورات الربيع العربي.. ذلك المصطلح الذي روج له الإعلام الغربي حسب ما يريدون تحقيقه فتقسيم البلدان العربية وتمزيق شعوبها وتدمير ثرواتها.. "ربيع" لديهم.. ولكن اسقاط الدول وتقسيمها لم يكن ربيعاً علي الإطلاق.. إشعال نار الفوضي.. والحروب الأهلية.. ليست ربيعاً علي الاطلاق.. وانما أطلق الغرب الذي خطط لاسقاط الدول العربية واحدة تلو الأخري.. أطلق علي "نوات التدمير العربي" ثورات الربيع العربي" وسار وراءهم الإعلام العربي ينقل هذا المصطلح الغربي بلا وعي علي ما يجري في أوطاننا العربية من تمزيق وتشتيت وفوضي.
والآن السيناريو يعيد نفسه.. ترامب الذي تحدي العالم.. وانتهك كل الأعراف الإنسانية والقانونية.. ونقل سفارته إلي القدس مخالفاً بذلك كل القوانين الدولية.. يزعم أنه بصدد الإعلان عن "صفقة القرن".. خطة سلام شامل بين الفلسطينيين وإسرائيل.. فأي سلام يتحدث عنه بعد الجريمة الكبري بنقل السفارة إلي القدس.. فهل ينوي ترحيل باقي الفلسطينيين خارج أراضيهم لتنعم إسرائيل بباقي أرضهم.. فأي سلام يتحدث عنه بعد الافراط الإسرائيلي في استخدام القوة والرصاص ضد صدور أطفال فلسطينية الذين يدافعون عن حقوقهم؟!.. وللأسف الشديد ينقل الإعلام عن ترامب والإعلام الأمريكي ما أسماه "صفقة القرن".. ويروج إعلامنا للصفقة وكأنها نصر "للقضية الفلسطينية".. بدلاً من تنفيذ جرائم ترامب وإسرائيل في الأراضي المحتلة.. ومطالبة ترامب والإعلام الغربي أن يطلق عليها "نكبة القرن" وليس "صفقة القرن".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف