"أن يدخل الإنسان الجنة من باب العمل المكلف به".. هذه رؤية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وهو يتأمل معني حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أبواب الجنة والذي جاء فيه ".. فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة. ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد. ومن كان من أهل الصوم دعي من باب الريان. ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة".
فيقول ونصب عينيه ثمرة الالتزام الحقيقي والصلاة الحقيقية والصيام الحقيقي الفاعل المغير للأفضل والصدقة المخلصة لله والجهاد الحق الذي ينشر الأمن والأمان: إننا نفهم وندعو إلي هذا الفهم أن يدخل الإنسان الجنة من باب العمل المكلف به.
وفي تفسيره لما يقول ينبه علي ان استعمار الأرض وتعميرها بالتنمية وتيسير الحياة فيها للبشر هي العبادة في شكلها الكلي بل ان العبادات الشعائرية كصلاة وصوم وحج وزكاة وفي مقدمتها توحيد الله والشهادة له بالوحدانية كل هذه وسائل لصناعة الإنسان الكامل الذي يضيف إلي الآخرين ويعطي ويثمر وجوده في الحياة ما تثمره الأشجار ذات الثمار والظلال لذا كانت هذه الدعوة بأن يجدد كل إنسان نيته لله بأن يكون بابه إلي الجنة عمله الذي يتقنه ويجيده فيقدمه للآخرين مخلصاً نيته فيه فينوي القاضي ان يكون طريقه إلي الجنة من باب العدل والطبيب من باب الطب فيتقنه تقرباً إلي الله ويتفاني في علاج المرضي بالهدف نفسه وكذلك الموظف في الجهاز الحكومي يجعل من عمله بابه إلي الجنة فيبش في وجه طالبي خدمته ويحسن تقديمه هذه الخدمة وفي نصحه لهم وفي سرعة انجازها لأنه يريد ان يدخل الجنة من خلال هذا الاخلاص كذلك المدرس حيث يقر في ذهنه ويجدد النية بأن يحمل رسالة الأنبياء هذه بما يجب ان يحملها فيتفاني في أداء علمه لتلاميذه ناصحاً لهم مخلصاً في نصحه عطوفاً عليه مؤدباً لهم بروح الأب المحب لا السيد القاهر حتي يكون درسه وعلمه بابه إلي الجنة. وهكذا.
هذه الثقافة لو انتشرت بين الناس والشباب من خلال كل وسائل التواصل والتي أهمها المسجد والمدرسة ومراكز الشباب من خلال دعاة قادرين علي التوصيل لاختصرنا المسافة الواسعة والهوة العميقة بيننا وبين من سبقنا من الأمم ولاختصرنا الطريق إلي الجنة في يسر وسهولة ورضا وسعادة.
فماذا يفيد كما يقول الوزير لو صام الطبيب مثلاً رمضان والست من شوال ثم الأيام القمرية ثم الاثنين والخميس من كل أسبوع وأهمل في طبه وخان الأمانة التي حملها بما منحه الله من علم في هذا الفن..؟ وماذا يفيد لو أن مدرساً أقام الليل كل يوم حتي تورمت قدماه فضلاً عن الفرائض والنوافل ثم خان رسالة الأنبياء التي ورثها. وهكذا.. من المؤكد أن مثل هذه العبادات قد تعود عليه بالإثم لأنه لم يقدرها حق قدرها فيكون ممن قال عنه النبي صلي الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش. ورب قائم وليس له من قيامه إلا السهر والتعب". وقيل لابن عمر رضي الله عنه في موسم الحج: "الحج كثير. فقال بن عمر: الركب كثير والحاج قليل".