مجلة المصور
على محمود
السفارة على جثث الشهداء

عندما قرر الرئيس الأمريكى، ترامب، انتهاك القانون الدولى بنقل السفارة الأمريكية للقدس المدينة العربية المحتلة من قبل العدو الإسرائيلى، كان لديه مبرران: الأول أن يغسل جريمته فى تزوير الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والثانى وجود خلافات فلسطينية بين فتح وحماس، وأن العرب منهمكون فى خلافاتهم ومؤامرة الإرهاب والتقسيم، وبالرغم من الجهود المضنية التى قامت بها مصر خلال السنوات الماضية من أجل المصالحة الفلسطينية، حفاظًا على مصالح الشعب الفلسطينى، إلا أن حماس عادت ريما لعادتها القديمة.. حيث كان لها رأى آخر وأجندة أخرى فى المصالحة، وبانتهاء المقاومة الفلسطينية المسلحة لحماس، بات الشعب الفلسطينى فى مواجهة رصاص العدو الإسرائيلى المحتل، بدعم سافر من الولايات المتحدة الأمريكية وصمت مريب من منظمات المجتمع الدولى: الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان، وفى احتجاجات الشعب الفلسطينى فى ذكرى النكبة مارس العدو الإسرائيلى أبشع جرائمه، وسقط أكثر من ٥٠ شهيدًا وأكثر من ٣ آلاف مصاب برصاص الإرهاب الإسرائيلى، وبمناسبة جريمة افتتاح السفارة الأمريكية بالقدس العربية المحتلة، خرج الشعب الفلسطينى بالأعلام لإدانة القرار الباطل، وسقط الشباب والأطفال أكثر من ٧٠ شهيدًا وأكثر من ٧ آلاف مصاب برصاص العدو الإسرائيلى..





وبعد انتهاء المقاومة الفلسطينية المسلحة لحماس، وبعد أن فقدت الولايات المتحدة الأمريكية مصداقيتها ونزاهتها كشريك للسلام، لم يعد أمام القيادة السياسية الفلسطينية سوى الإصرار على بديل آخر كشريك للسلام وحل الدولتين على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس، يكون أكثر نزاهة وعدلا، وهناك الاتحاد الأوربى والجامعة العربية وروسيا والصين، خاصة بعد القرارات الدولية التى صدرت من مجلس الأمن والأمم المتحدة ببطلان القرار الأمريكي بنقل سفارتها إلى القدس العربية المحتلة..



وإذا كان العرب يريدون أن يكون لهم شأن ومصداقية أمام شعوبهم، فعليهم أن يتكاتفوا ويتحدوا من أجل نصرة الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية مثلما فعلوا فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، والعرب يملكون الكثير من أدوات الضغوط، سواء السياسية أو الاقتصادية لرضوخ وإذعان الولايات المتحدة للحق العربى، ولن يضيع حق وراءه مطالب..



وعلى الجامعة العربية أن تطرق كل الأبواب من خلال المنظمات الدولية من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وأن يقطع العرب كل العلاقات الدبلوماسية مع كل دولة تنقل سفارتها إلى القدس العربية المحتلة، كما ينبغى على السلطة الفلسطينية مساندة الشعب الفلسطينى فى غزة بدعم مادى ولوجيستى ومساندتهم فى الفعاليات والتظاهرات السلمية ضد العدو الإسرائيلى، بصرف النظر عن أجندة حماس، وإذا أصرت حماس على موقفها الأحادى والسلطوى فى عدم تسليم غزة للسلطة الفلسطينية، كما نصت الاتفاقات التى وقعتها مصر بين فتح وحماس، فإن حماس هى الخاسر وسوف يلفظها الشعب الفلسطينى، لأنها تبحث عن مصالحها الخاصة والضيقة وليس مصلحة الشعب الفلسطينى..



وعلى السلطة الفلسطينية أن تبدأ فى نشاط سياسى مكثف فى المنظمات الدولية الثلاث: الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان من أجل شرح جرائم الاحتلال الإسرائيلى، والضغط من أجل إجراء تحقيق عادل فى الانتهاكات التى ارتكبتها العصابة العنصرية الإسرائيلية، وإرسال هذه الجرائم بالمستندات والصور إلى المحكمة الجنائية الدولية، كل هذه التفاعلات سوف تفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلى، وسوف تجد تعاطفًا دوليا واعترافًا بالقضية الفلسطينية وهو ما يساعد فى دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى دولته المستقلة..



إذا خيبت حماس ظن العرب وعملت على تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، سوف تكون البداية الحقيقية من أجل أن يحقق الشعب الفلسطينى إرادته فى الحرية والنصر، وسوف تفشل كل المؤامرات الصهيو أمريكية فى التغيير الديموغرافى فى الضفة الغربية وغزة والقدس، بفضل تضامن وإرادة القادة العرب والشعوب الإسلامية والمسيحية..



ويقينى أن الأزمة الحادثة اليوم بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوربى بشأن الاتفاق النووى الإيرانى وانسحاب أمريكا من هذا الاتفاق، وهو فرصة كبيرة للسلطة الفلسطينية، من أجل طرح الاتحاد الأوربى ومعه روسيا والصين كبديل لخيار السلام وحل الدولتين، وأعتقد أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن سوف يؤيدان هذه الخطوة، بعد أن فقدت الولايات المتحدة نزاهتها وحيدتها بانحيازها السافر للعدو الإسرائيلى والانتهاكات التى ارتكبتها الولايات المتحدة بنقل السفارة الأمريكية للقدس العربية المحتلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف