الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. قناة فيكتوريا.. وأرض الواقع
هذه الفكرة توازى عندى فكرة ربط نهر الكونغو الذى يلقى مياهه ويتجه غربًا فى المحيط الأطلنطى، بنهر النيل المتجه شرقًا ثم شمالاً.. للاستفادة من مياه نهر الكونغو.. وقد تكون فكرة ربط النهرين خيالية.. ولكنها تحتاج إلى مليارات.. وإلى سنوات عديدة قبل أن ترى النور.

وفكرة اليوم قريبة الشبه بفكرة ربط النهرين، وتقوم على حفر قناة ملاحية وخط ملاحى يبدأ من بحيرة فيكتوريا ويستخدم كل بحيرات وجداول نهر النيل الأبيض.. إلى أن تصل إلى الخرطوم وتلتحم مع النيل الأزرق ويتجه هذا الخط الملاحى عابرًا ـ من السودان ـ كل السودان جنوبه وشماله ثم السودان نفسه إلى أن يصل مصر ليتجه إلى الإسكندرية.

أى أن الخط الملاحى يستهدف ربط وسط وقلب القارة الافريقية بالبحر المتوسط.. ولكن لم يقل لنا وزير الرى المصرى: هل يقترب هذا الخط من قناة جونجلى التى حفرنا 80٪ منها ثم توقفت ـ وهى داخل دولة واحدة هى جنوب السودان.. فماذا سيفعل الدكتور محمد عبدالعاطى فى عبور كل هذه المناطق.. بينما جونجلى تكاد تكون قد تم ردمها؟!

<< ويذكرنى هذا المشروع بمشروع انجليزى قديم كان يقوم على انشاء خط سكة حديد يربط مدينة كيب تاون «الكاب» فى جنوب افريقيا بمدينة القاهرة ومن ثم إلى البحر المتوسط لنقل صادرات وواردات القاهرة ـ من أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها.. بالسكك الجديدية.

ولكن المشروع تعثر، رغم أن بريطانيا كانت تحتل معظم دول شرق افريقيا وتدير أمورها.. وما كان أسهل سياسيًا اتخاذ هذا القرار إذ كانت بريطانيا تحتل كل الأراضى المقترحة لمسار هذا الخط الحديدى من جنوب افريقيا نفسها ـ حيث مدينة الكاب ـ إلى مستعمراتها ـ زمان ثم كينيا وتنزانيا وأوغندا والسودان ـ جنوبه وشمالاً ـ وصولاً إلى مصر.. أى أن بريطانيا ما كانت ستواجه معارضة سياسية من هذه الدول وكلها فى قبضة يد بريطانيا.

<< وظل هذا الحلم تحت الدراسة عشرات السنين.. ثم تعثر بعد أن حصلت هذه الدول على استقلالها، وأصبح قرارها فى يدها.. ورغم ذلك لم يعد أحد يفكر فى انشاء هذا الخط الحديدى، الذى كان سيخدم كل هذه الدول فضلاً عن تحقيقه آمال بريطانيا فى نقل خيرات افريقيا إلى الخارج ونقل ما تريده الدول من واردات من الخارج، وماتت الفكرة.

فهل نعلم مدى صعوبة تنفيذ هذا الخط الحديدى رغم أننا تعبنا كثيرًا فى ربط مصر والسودان ـ عندما كان تحت الادارة المصرية ثم المصرية.. البريطانية المشتركة.

<< ورغم أننى لست من هواة «تكسير المجاديف» إلا أننى أحتكم إلى عقلى وما مشروع القناة الملاحية ـ رغم ايجابياتها العديدة ـ إلا أحد الاحلام لخدمة مصالح واقتصاديات الدول الافريقية.

ولكنه ـ على أى حال ـ يبقى فى إطار الاحلام.. حتى وأن كان صعبًا تنفيذه فى ظل تعدد الدول التى يمر بها هذا الخط الملاحى.. وتذكروا مأساة مصر مع قناة جونجلى.. وعودوا لتحلقوا فى أرض الواقع.. وليس فى الاحلام مستحيلة التنفيذ!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف