نستكمل في هذه السطور اللقاء مع أبولبابة أحد اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي قام بربط نفسه في عمود بالمسجد ورغم ان الصحابة قد ابلغوه بأن الله قد تاب عليه لكنه لم يقتنع وقال: والله لأحل نفسي حتي يكون رسول الله صلي الله عليه وسلم هو الذي يحلني وأمام اصرار هذا الصحابي وكذلك لاعترافه بالخطأ الذي اقدم إليه. جاء إليه الرسول صلي الله عليه وسلم فقام بحله بيده الشريفة من هذا اليد تقديرا للاعتراف الصريح من أبي لبابة وعقب قيام الرسول صلي الله عليه وسلم بفك القيد. قال أبولبابة: يا رسول الله ان من توبتي ان اهجر دار قومي التي اصبت فيها الذنب وان انخلع من مالي كله صدقه لله تعالي إلا ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: يجزيك يا أبولبابة الثلث هكذا حسم رسول الله صلي الله عليه وسلم الأمر وقبل من أبولبابة الصدق بثلث ماله حتي يظل مالكا لثلثي ما يملك من أموال. تلك شفقة الرسول صلي الله عليه وسلم وتقديره لرجل اعترف بالخطأ هذا فحسب وإنما اتخذ أسلوبا فريدا في تأديب نفسه ولذلك اعلن الرسول قبول توبته وتأكيد لذلك قام بحله من القيد.
وفي هذا الاطار وحول موقف أبي لبابة يروي عن ابن عباس من عدة وجوه في قوله تعالي "وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سبئا عسي الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم" 102 سورة التوبة موضحا ابن عباس رضي الله عنه ان هذه الآية نزلت في أبي لبابة ونفر معه سبعة أو ثمانية أو تسعة تخلفوا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما توجه إلي غزوة تبوك ثم ندموا فتابوا وربطوا انفسهم بالسواري وقد كان عملهم الصالح أساس توبتهم السييء الذي ارتكبوه هو تخلفهم عن الغزو مع النبي صلي الله عليه وسلم.
من المفارقات ايضا في مسيرة أبولبابة بن عبدالمنذر الانصاري ما تتناقله كتب السيرة والتراجم عن أبواسحاق ابراهيم بن أبي ثابت وعن عدد آخر من الرواة نهابة عن سعيد بن المسيب عن أبي لبابة نفسه قال: استسقي رسول الله صلي الله عليه وسلم في الجمعة فقال صلي الله عليه وسلم: اللهم اسقنا. فقال أبولبابة: يا رسول الله: ان التمر في المربد والمربد هو المكان الذي يوضع به التمر حتي ينشف ويجف ثم اضاف أبولبابة قائلا: وما في السماء من سحاب نراه لكن ماذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد أن سمع ذلك القول من أبي لبابة. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: اللهم اسقنا ثلاثا وقال صلي الله عليه وسلم في الثالثة: اللهم اسقنا حتي يقوم أبولبابة عريانا يسد ثعلب مربده بازاره. يقول الرواة انه بعد قول الرسول صلي الله عليه وسلم استهلت السماء وأمطرت مطرا شديدا فأطافت الانصار بابي لبابة قائلين: با أبالبابة ان السماء لن تقلع حتي تقوم عريانا فتسد ثعلب مربدك بازارك كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول الرواة: فقام أبولبابة عريانا فسد ثعلب مربدة بازاره فأقلعت السماء وقد طال العمر يابي لبابة حتي ادرك خلافة الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه رحم أبولبابة فقد كان صادق العزيمة والإيمان.