"وقف في مهب الرياح المادية العاتية التي كانت علي وشك اقتلاع الجذور وتسطيح العقول وتزييف الوعي وقد تميزت محاولة الأستاذ الشيخ بيسر الأسلوب وسهولة العرض وسرعة الانتقال في أوساط الجماهير علي اختلاف درجاتها العلمية والثقافية وقد لا تعدو الحقيقة لو قلنا ان الشيخ تفرد بالقدرة علي صياغة ثقافة إسلامية رفيعة المستوي أفاد منها المثقفون والدهماء علي سواء وكشفت للقراء عن عظمة الإسلام وحيوية القرآن والنبي الكريم محمد وأعادت للكثير من المسلمين الثقة في قدرتهم علي أن يجمعوا في حياتهم المعاصرة بين الدين والدنيا دون ان يتطرق لنفوسهم طوارق الانفصام أو التضاد أو الاغتراب" هذا النص السابق هو كلام فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عن الشيخ الجليل الراحل محمد الغزالي ذلك العالم الذي استطاع ان يخرج الفكر الديني الصحيح الموثق الخالي من خرافات المضبوط بالنقل الذي لا يختلف مع العقل من قاعات الدرس إلي رجل الشارع البسيط في ظروف كانت الشيوعية تحاول ان تقتلع جذور الإسلام من أرضه وقبلته العلمية فاستطاع ان يواجه هذه المحاولات منذ ان اصدر كتابه من "هنا نعلم" رد علي كتاب من هنا نبدأ.
ومع ذلك فقد كان الغزالي من النقاد الأشداء للفكر الإسلامي من داخله فهو مدافع عن الدين لكنه في الوقت ذاته يواجه الخرافة مواجهة شديدة رافضاً إهمال العقل أو تغليب النقل عليه فهو يسير مع النقل مستضيئاً بالعقل لذلك كان يؤكد ان القرآن هو الأصل والحديث هو المذكرة التفسيرية له وإذا ما تعارض الحديث مع النص القرآني فعلينا ان نناقش الحديث لنعرف مدي صحته لأن الحديث النبوي الصحيح لا يمكن ان يتعارض مع النص القرآني كما رفض أولئك الذين يقولون بالنسخ في القرآن داعياً لهم إلي إعادة قراءة آيات القرآن جملة في الموضوع الواحد وهو ما عرف بالتفسير الموضوع للقرآن.
وقدولد الشيخ محمد الغزالي في 22 سبتمبر 1917 في قرية نكلا العنب مركز ايتاي البارود بمحافظة البحيرة وتعلم بالأزهر الشريف بمعهد الإسكندرية حتي حصل علي الثانوية ثم كلية أصول الدين ليتخرج فيعمل بالأوقاف في مسجد العتبة الخضرة بوسط القاهرة وتدرج في عمل درجات الوعظ بوزارة الأوقاف حتي كان وكيلاً لوزارة الأوقاف.
لم يقتصر جهد الغزالي علي مصر بل وصل علمه وفكره ومعاركه إلي كافة أبناء العالم الإسلامي لييقظ النيام داعياً إلي حركة احيائية امتداداً لمدرسة الشيخ محمد عبده وأستاذه جمال الدين الأفغاني.
الغريب اننا نجد من يدعي علي الشيخ الجليل انه من زرع الإرهاب في العالم العربي وذلك في محاولة بعض الكارهين للإسلام الزج باسماء المعتدلين في دوائر كانوا أبعد ما يكونون عنها.