محمد جبريل
محمد رسول الله والذين معه "8"
يتحدث عبدالحميد السحار عن البشارات والإرهاصات التي مهدت لمولد النبي - صلي الله عليه وسلم - فيدين الروايات التي دفعها الحب لشخصية الرسول. إلي وضع أخبار وأحاديث. بها من الخوارق والمعجزات التي وقعت عند مولد النبي ما يسيء إلي السيرة الطاهرة.
كما يدين الروايات التي رفضت كل البشارات والأحلام. لأن القرآن الكريم يؤكد أن أهل الكتاب من يهود ونصاري. كانوا علي علم بمبعث النبي الأمي الذي سيبعثه الله في الأميين لا في بني إسرائيل. حتي حادثة شق الصدر أو البطن. يرفضها الكاتب لا لاضطراب الروايات فحسب - كما يقول - وانما لأن الله ليس في حاجة إلي إجراء عملية جراحية. ليطهر نبيه. وليملأه حكمة. وأغلب الظن أن كل ما جاء عن شق الصدر قد وضع بعد صدر الإسلام. وهو لم يقع إلا في مخيلة وضيعة!
وينفي الكاتب كذلك عن أهل مكة. أنهم كانوا قوماً وثنيين علي النحو المفهوم من الوثنية.. فقد كانوا يعتقدون بوجود إله واحد. خلق السموات والأرض.. وقد خاصمهم الرسول. وسفه أحلامهم. لأنهم أضافوا إلي التوحيد نوعاً من الشرك بأن تقربوا إلي الأصنام. وذبحوا لها الأوثان. وآمنوا بالجن. واعتقدوا بالقربات والشفاعات لتقربهم إليه زلفي. فضلاً عن أنهم كانوا يتكسبون من وصايتهم علي الأصنام. وكانوا لا يتصورون أن يؤمنوا بدعوة رجل لم يرث مالاً. ولا ملك تجارة أو عقاراً. وجاء بدين لم يألفوه. يساوي بين جميع البشر. فلا فارق بين أسود وأبيض. ولا بين غني وفقير.
وكما يقول السحار. فقد كان الإسلام في عرفهم - قريش - هدماً وتقويضاً لعقيدة راسخة ونظام اجتماعي وسياسي. يجب أن يدوم دوام السنين والأيام.
أما لقاء محمد بالراهب بحيرا. ذلك اللقاء الذي تحدث عنه طه حسين طويلاً في كتابه "علي هامش السيرة" واعتبره إرهاصاً مهماً بنبوة محمد. فقد اعتبره السحار لقاء لا أهمية له في حياة الرسول.
كان محمد صغيراً. وكان اللقاء عابراً بما لم يتح لمحمد أن يتلقي شيئاً من بحيرا. لكن المستشرقين - وتبعهم طه حسين وآخرون - أسرفوا في التوقف عند قصة بحيرا. وحاولوا التأكيد بأن بحيرا هو الذي وضع في رأس محمد فكرة النبوة والرسالة.
وأما الاجتهاد الذي أصبح ثابتاً. نتعلمه في المدارس. ونرويه لأبنائنا بأن النبي تزوج خديجة وهو في الخامسة والعشرين. بينما كانت هي في الأربعين.. فإن الكاتب يناقشه. ويري أنها كانت في الثامنة والعشرين. حسب رواية ابن عباس. لأن ابن عباس - كما يقول - أولي الناس أن يعلم حقيقة عمرها.
كذلك فقد اختلف رواة السيرة والإخباريون في عدد الذكور من أبناء محمد. فابن إسحاق يؤكد في سيرته أن أكبر أبناء النبي هو القاسم. ثم الطيب. فالطاهر. وقد ماتوا جميعاً في الجاهلية. بينما أدركت البنات الإسلام. فأسلمن وهاجرن مع أبيهن.
الطبري يقول إن خديجة ولدت لرسول الله ثمانية: القاسم والطيب والطاهر وعبدالله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. وفي "الاستيعاب" إنها ولدت له أربع بنات. وولداً واحداً اسمه القاسم. وبه كان يكني. ويقول معمر عن ابن شهاب. إنها ولدت للرسول ولداً هو الطاهر. وفي نسب قريش: "فولد رسول" - صلي الله عليه وسلم - القاسم وهو أكبر ولده. ثم زينب. ثم عبدالله. ثم أم كلثوم. ثم فاطمة. ثم رقية. أما "جمهرة أنساب العرب" فيقول: ولم يعقب - عليه السلام - ذكراً إلا إبراهيم ابن رسول الله.
وتحاول بنت الشاطيء أن توفق بين الاجتهادات المتناقضة. فتؤكد أن التوفيق ليس بمتعذر. فيما يختص بأبناء محمد. فقد يقال إن اللقب التبس بالاسم. وجعل الطيب والطاهر ولدين مع القاسم فهم ثلاثة. أو مع القاسم وعبدالله فهم أربعة. وما الطيب والطاهر - علي الأرجح - سوي لقبين لعبدالله. وبذلك يكون للنبي من خديجة ولدان اثنان.
للكلام بقية