صدر أخيرا كتاب للمؤرخ الصحفى روبير سوليه بعنوان «لقد صنعوا مصر الحديثة» يلخص إنجازات عشرين شخصية أسهمت فى تأكيد صحوة المشاعر القومية للمصريين والحقبات المصيرية التى مرت بمصر.. على رأس هذه الشخصيات الرئيس عبد الفتاح السيسي.. يكتسب هذا الإصدار أهمية بمناسبة بدء الفترة الرئاسية الجديدة للرئيس المنتخب, حمل الباب الذى خصصه الكاتب الموهوب للرئيس المصرى عنوان: «عبد الفتاح السيسى على الطريقة العسكرية» ويتناول عدة فصول من بينها: «وزير الدفاع» و«سيسيمانيا» بمعنى الولع بالسيسى على غرار «إيجيبتومانيا» أى الولع بمصر.
وينقل سوليه أن السيسى ولد يوم 19 نوفمبر عام 1954 فى الجمالية وكان والده تاجرا متدينا يمتلك متجرا لترصيع الأخشاب بالصدف بسوق خان الخليلى الكبير.
ويستطرد: إن رئيس المستقبل ترك وراءه ذكريات طفل عميق ومستمع جيد، قليل الكلام يطلقون عليه اسم «الجنرال»، اختار أن يصبح ضابطا وأن يدرس فى انجلترا ثم يخدم فى سلاح المشاة ثم يعين ملحقا عسكريا فى اليابان وبعدها السعودية ليتولى بعد ذلك قيادة المنطقة الشمالية أى الإسكندرية ولينضم عام 2006 للبرنامج الدولى للتأهيل بكلية «كارليزل» Carlisle ببنسيلفانيا قبل تعيينه على رأس المخابرات العسكرية ثم وزيرا للدفاع فى 2012.
وفى يوم 22 نوفمبر 2012 عندما نشر مرسى إعلانا دستوريا يعطى له صلاحيات قانونية استثنائية خرج السيسى من تحفظه ليجمع المحركين الأساسيين للحوار والمناقشة يوم 12 يناير تحت رعاية الجيش، ورفض مرسى الحوار. ويسرد سوليه عريضة تمرد بسحب الثقة من مرسى وتنظيم انتخابات رئاسية جديدة وجمع 22 مليون توقيع والنداء الموجه للمواطنين بالتظاهر يوم 30 يونيو كمعارضة للنظام المتطرف، هنا يدخل الجنرال السيسى على المسرح ويعلن يوم 23 يونيو إعطاء أسبوع للقوى السياسية من أجل التوصل إلى حل ولم يستجب مرسى للمطالب الشعبية، وليعلن السيسى يوم 3 يوليو عزل مرسى وتولى عدلى منصور ولتأكيد أن الحدث هو ثورة ثانية ولنشاهد مظاهرات المساندة يوم 26 يوليو حيث بات للجميع أن السيسى هو البطل بعد أن طلب من المصريين تفويضا شعبيا لمواجهة الإرهاب! وهنا تنفجر ظاهرة «السيسيمانيا» أى الولع بالسيسي، حيث اعتبر المصريون أن شخصيته ووطنيته قد أنقذت الدولة وتفادت حربا أهلية. ويبرز الكتاب أن الرئيس لديه أولويتان: الأمن والاقتصاد، كما أن السيسى على يقين بأهمية تصحيح صورة الإسلام فى الخارج، ولذلك يعكف قادة الأزهر على إنهاء ملف تخبط الآراء القانونية والفتاوى المغلوطة بالتعاون مع خمسين مفتيا من دول أخري.
وأبرز الكاتب المحب لمصر التى ولد بها أن السيسى داعم لأقباط مصر ولقد فاجأهم بزيارة الكاتدرائية فى 7 يناير 2015 خلال القداس فى أول سابقة لرئيس مصري.. ثم ينتقل إلى شرح التحدى الاقتصادى الذى يواجه مصر فى حين تسجل زيادة سكانية مليون مواطن كل عشرة أشهر.. ويتحدث أيضا عن المشاريع التى أقدمت عليها مصر منذ افتتاح قناة السويس فى أغسطس 2015.
لقد قدم سوليه دراسة جيدة ومستفيضة عن الرئيس السيسى وعن واقعه الوطنى ورؤيته التى أضاف إليها الكثير خلال الخطاب الجامع الذى ألقاه بمناسبة انطلاق فترة رئاسته الجديدة ووعد شعبه العظيم والصامد بمستقبل أكثر إشراقا.. وأناشد الرئيس السيسى بالاستمرار فى محاربة الفساد والمحسوبية والشللية حتى نصنع دولة حديثة ونبنى من جديد الإنسان المصرى أو «الرجل النزيه» الذى حدثنا عنه فلاسفة عصر التنوير.. تحية لكلمات صادقة من البطل «ارتضيت أن أكون على رأس فريق إنقاذ الوطن ممن أرادوا له السقوط».. والله الموفق.