اليوم السابع
عباس شومان
خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم
ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك، سيدٌ من سادات الخزرج، وأحد السابقين إلى الإسلام فى المدينة المنورة، آخى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بينه وبين عمار بن ياسر، رزق الله ثابت بن قيس رضى الله عنه بالعديد من المواهب فكان جهورى الصوت، ذكى الفؤاد، خطيبًا، بليغًا، مفوهًا، حاضر البديهة، وانتبه النبى- صلى الله عليه وسلم- لهذه المواهب المتعددة الفذة منذ اليوم الأول، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: خطب ثابت بن قيس مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا؟ قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «الجنة». فقال الأنصار: رضينا، وبدأ النبى صلى الله عليه وسلم يوجه ثابت بن قيس التوجيه الأمثل لثقل هذه المواهب، فلقد اختاره خطيبًا له أو بلغة العصر الحديث متحدثا رسميًا، قال الإمام الزهرى: قدم وفد بنى تميم وافتخر خطيبهم بأمور، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس: «قم فأجب خطيبهم»، فقام ثابت بن قيس وقال «والحمد لله الذى السماوات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه، ولم يك شىء قط إلا من فضله، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكًا واصطفى من خيرة خلقه رسولًا، أكرمهم نسبًا وأصدقهم حديثًا، وأفضلهم حسبًا، فأنزل عليه كتابه وأتمه على خلقه، فكان خيرة الله تعالى من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به فآمن برسول الله المهاجرون من قومه ذوى رحمه أكرم الناس حسبًا، وأحسن وخير الناس فعالًا، ثم كان أول الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله»، لقد سعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بفصاحته وبلاغته وأدبه، وفرح المسلمون، ولما نزل قول الله- عز

وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ (الحجرات:
2)، غاب ثابت عن مجلس النبى- صلى الله عليه وسلم- فسأل النبى الكريم- صلى الله عليه وسلم- عنه وعن سبب غيابه، فبحث عنه الصحابة فوجده صحابى فى منزله جالسًا حزينًا يعتقد أن الآية نزلت فيه ويقول: أنا الذى كنت أرفع صوتى فوق صوت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقد حبِط عملى، وأنا من أهل النار، فرجع الصحابى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأعلمه، فقال النبى الكريم- صلى الله عليه وسلم-: «اذهب، فقل له: لست من أهل النار، إنك تعيش بخير، وتموت بخير، وأنت من أهل الجنة»، لقد اعتنى النبى الكريم صلى الله عليه وسلم به وبموهبته وأكرمه وقدمه ومدحه بقوله: «نِعْمَ الرجل ثابت بن قيس»، لذا رأينا لثابت بن قيس كرامة لم تحدث لغيره من الصحابة، ففى يوم اليمامة استشهد ثابت، وكان عليه درعٌ له غالية الثمن، فنزعها شخص عنه، وأخذها لنفسه، فبينما رجل من المسلمين نائم، أتاه ثابت فى منامه، فقال له: إنى أوصيك بوصية، فإياك أن تقول هذا حلم، فتضيِّعه، إنى لما قُبِضت أمسِ، مرَّ بى رجل من المسلمين، فأخذ درعى، ومنزله فى أقصى الناس، وقد كفأ على الدرع بُرْمَة وفوق البُرْمَة رحل، فأتِ خالد بن الوليد، فمُرْه، فليبعث، فليأخذها، فإذا قدِمت المدينة على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له: إن علىَّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقى عَتِيق- حر- فاستيقظ الرجل، فأتى قائد الجيش خالد بن الوليد، فأخبره، فبعث إلى الدرع، فأتى بها على ما وصف، وحدث أبا بكر- رضى الله عنه- برؤياه، فأجاز وصيته، وهذه خاصة فقط بقيس بن ثابت رضى الله عنه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف