الدكتورة آمال حلمى سلام، الابنة الكبرى للكاتب الكبير حلمى سلام، بعنوان: “عبدالناصر وثورة يوليو فى ميزان التاريخ”.. وقد جمعت فيه الدكتورة آمال عددا كبيرا من مقالات الوالد والتى كتبها بنزاهة مبهرة وشجاعة نادرة فى مواجهة حملة التشهير المسعورة، التى شارك فيها كل أعداء المشروع الناصرى وزعامة مصر، بقيادة عبدالناصر، للعالم العربى والعالم الثالث وإفريقيا.
قضيت وقتًا امتزجت فيه المتعة بالفائدة مع كتاب ولا أقصد هنا تبعية هذه الدول لمصر، بل اختيارها وإيمانها بالدور التحررى والنهضوى، الذى انتهجه زعيم ثورة يوليو، وهو ما آثار حفيظة الأعداء على الصعيدين، الخارجى والداخلي، فمن منا ينسى ما قاله تشى جيفارا، أيقونة المقاومة فى أمريكا اللاتينية، أثناء استقبال الرئيس عبد الناصر له «كان انتصاركم فى بور سعيد، أملنا ونحن نحارب فى الجبال» وقبل أسابيع قليلة أعلن الرئيس الأوغندى يورى موسفني، أن إفريقيا لن تنسى عبدالناصر!.. وكيف تنساه وهو الذى ساعدها بكل ما لدى مصر من مكانة وإيمان بالحرية والكرامة ومن ثم بالتحرر؟ والذى استوقفنى بشدة فى مقالات الأستاذ الكبير حلمى سلام هو تصديه ببسالة لقادة حملات تشويه يوليو والنيل من زعيمها والهدف من وراء ذلك التقليل من قدر مصر وقدرتها، وبحيث تظل أسيرة الدائرة الصغيرة، التى لا يريد أعداؤها خروجها منها.. ومن أجمل ما جاء بالكتاب عبارة للكاتب الكبير تقول: جمال عبدالناصر مصمم ألا يموت.. ولأنه من ناحيته مصمم على ذلك، فإن الهجوم عليه بدوره مصمم ألا يتوقف، وليس هناك ما هو أسهل من «المغالطات» فادحة وواضحة - وسيلة للهجوم!! فليس مطلوبًا من صاحبها أكثر من أن يعطي ضميره إجازة مفتوحة.. ثم ينطلق يبث مغالطاته، حسبما يشتهي.. ووفق ما يريد!.. ويواصل الأستاذ حلمى سلام فى المقال نفسه المنشور فى مجلة آخر ساعة عام ١٩٨٨، وفى مسلسل الهجوم على عبدالناصر الذى لا يريد أن يتوقف بسبب أن عبدالناصر نفسه لا يريد أن يموت، اتهمه زميل فى الأسبوع الماضى بأنه خرب مصر..!!! وبطبيعة الحال تشعبت حملات التشويه لتنال من كل إنجازات ثورة يوليو، وهو ما يفسر الجملة العبقرية، بأن عبدالناصر مصمم ألا يموت، ولذا فإن الهجوم عليه مصمم ألا يتوقف.. وقد تصدى الأستاذ حلمى سلام لكل منابر التشويه والافتراء حتى آخر أيامه وكان رده شديد الموضوعية وفى نفس الوقت شديد العنف ضد من وصفهم بمجاريح الثورة وغيرهم، كما قال بحق “لقد أضحى كل من يتطلع إلى شيء من الشهرة لا يجد أمامه من سبيل إلى ذلك سوى أن يتوثب على «أكتاف عبدالناصر».
والحق أن أكتاف الرجل، كانت - ولم تزل- وعلى الرغم من أنها قد آلت إلى التراب منذ أربع وعشرين عاما، وقت كتابة المقال، عام ١٩٩٤، أقول: كانت هذه الأكتاف - ولم تزل - من الصلابة ومن القوة، بما يجعلها قادرة على أن تتحمل توثب المتوثبين عليها، اليوم.... وغدا... وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فذلك قدر الرجل “بفتح القاف وسكون الدال”، وذلك أيضًا قدره “بفتح القاف والدال”.. وليس للرجل ثمة مهرب- لا من قدره.. ولا من قدره.. المذهل أن هذه الكلمات يمكن أن تكتب اليوم بعد ما يقرب من نصف قرن على رحيل عبدالناصر.. وكما أوضحت الدكتورة آمال حلمى سلام فإن والدها قد عاصر الثورة وما قبلها، كما يبيٓن الكتاب القيٓم، الذى يستحق الشكر على الجهد المبذول فى جمعه وهو شهادة حق ما أحوجنا إليها فى أجواء العواصف، التى تحيط بالوطن فى واحدة من أصعب حقبه ومع قائد يضع إرادة مصر فوق أى إرادة أخرى ويعمل بعزيمة لا تلين على استعادة أم الدنيا لمكانها ومكانتها، وهذا سيكون بجهد كل أبنائها، بدون تفرقة بينهم، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته، مؤخرا، يوم حلف اليمين الدستورية لولايته الثانية التى ستحقق، بإذن الله، حلمنا فى كل المجالات، التعليم والصحة والثقافة والإنتاج، وقبل ذلك ترسيخ الوحدة الوطنية بتطهير الوطن من كل دعاوى ومخططات الفتنة والتفتيت تحت أى مسميات كانت.