محمد درويش
نقطة في بحر - الدين والحجاج والسياسة
نقطة في بحر
»اللهم اغفر لي.. فقد زعموا أنك لا تفعل»
هذه كانـت آخر كلمـات الحجاج بن يوسف الثقفي - أحد أشهر الطغاة في التاريخ - وهو علي فراش الموت.
بدأ الزميل أمير لاشين علي صفحته حوارا حول هذه المقولة وجاءت التعليقات بين غير مصدق للرواية من أساسها مستبعدا أنه بعد كل ما فعله الحجاج من سفك للدماء وظلم للعباد يمنحه الله الفرصة في الدنيا ليدعوه بهذا الدعاء كما أشار أحدهم إلي أن خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز رغم أنه كان يحمل كراهية كبيرة لافعال الرجل إلا انه قد غبطه علي أن ألهمه الله هذا الدعاء.
آخر كتب يتساءل هل بعد ما فعله بسعيد بن المسيب وعبدالله بن الزبير الذي رفض توسل أمه ذات النطاقين وهي من هي في تاريخ الإسلام لينزل جسده المصلوب تنبش الطيور فيه حتي مرت أيام حققت غرضه في أن يجعله عبرة لمن أراد أن يعتبر.
الحجاج الذي ضرب الكعبة بالمنجنيق بعد أن اعتصم بها عبدالله بن الزبير هل كان هدفه توطيد أركان الدولة الوليدة أم خدمة أمير المؤمنين الذي يدين له بالولاء، وماذا كان يهدف عبدالله بن الزبير من مقاومته حتي آخر رمق وهو علي يقين بأن الهزيمة هي مصيره، وشجعته أمه أسماء بنت أبي بكر أن يظل علي مبدئه وقناعته وختمت نصيحتها بأن الشاة لن يضيرها سلخها بعد ذبحها بعد أن باح لها بخوفه من التمثيل بجسده اذا ما ظفروا به.
ما فعله الحجاج يقودنا إلي بداية مسلسل الفتنة الكبري التي بدأت بقتل سيدنا عثمان بن عفان ذي النورين رضي الله عنه، وتقودنا أيضا إلي أن هذا المسلسل ما كان يمكن أن تنتهي حلقاته إلا بمزيد من سفك الدماء والترهيب والترغيب، وهي ألاعيب سياسية تقودنا في النهاية لنتساءل عن علاقة الدين بالسياسة وهل كما يقال لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة.
الاجابة تحسمها قراءة متأنية للتاريخ ومنصفة قدر الامكان فربما نفاجأ يوم القيامة عند الحساب بأن ابن الزبير وابن المسيب رضي الله عنهما في موقف مغاير لما توقعناه.
وكانت أطرف التعليقات ان شاباً انقذ الحجاج من الغرق وبعد ان أفاق سأله لماذا اقدمت علي هذا، رد الشاب: خشيت ان تموت غرقاً فتصبح شهيداً فتدخل الجنة.