رمضان كريم وجميل «٢١» الفرحة .. مصرية !!
في الصميم
أسكن في منطقة تجارية تجد فيها الطبقة المتوسطة متطلباتها من الملابس بالذات.. علي مدي سنوات كانت الايام الاخيرة في رمضان تشهد زحاما هائلا وكانت المحلات تسهر لقرب الفجر، الزبائن لاينقطعون إلا في ساعات الافطار ثم السحور.
في هذا العام يبدو المشهد مختلفا. اختفي الزحام. الأثرياء ذهبوا إلي محلات أخري تعرض الملابس المستوردة بأسعار خيالية .
ومحدودو الدخل انتقلوا إلي الأسواق الشعبية. ومن تبقي مخلصاً لمحلات المنطقة يقف حائراً امام ارتفاع الأسعار، ويقلص مشترياته لحد كبير .
في طفولتنا وصبانا كانت الأمور مختلفة. المطالب كانت محدودة والفوارق بين الناس قليلة قمصان المحلة كانت سيدة السوق. البنطلونات المصرية هي المتوافرة للجميع الاحذية كلها صناعة مصرية بدرجات جودة مختلفة، ومنها كان ضمن الافخر في العالم .
لم تكن »البالة» قد ظهرت بعد. ولم تكن لوثة الاستيراد قد قتلت صناعات مصرية قوة. كانت الطبقة المتوسطة تفرض قوانينها. كان »عمر افندي» و»صيدناوي» وغيرهما من المحلات الكبري توفر كل شئ لهذه الطبقة الصاعدة، ومعها توفر كل احتياجات الاسرة المصرية بجميع مستوياتها .
لم تكن صناعة الملابس الجاهزة قد تقدمت كما هو الحال الآن.. كان »الترزي» احد نجوم الموسم وكل موسم قبل الاعياد. كان هناك »ترزي» للقمصان، وآخر للبدل و البنطلونات. وكان »تفصيل» الاحذية ايضاً رائجا حتي وان كانت التكلفة أكبر وكان وجود كل هؤلاء جزءاً من طقس الاستعداد للعيد. شراء القماش والذهاب للترزي وعمل البروفة، ثم انتظار الملابس الذي يتأخر دائما للحظة الاخيرة، لتكون الفرحة أكبر ،مضي ذلك الزمان لكنه يترك لنا بعضا من القيم التي لا ينبغي ان ننساها.
إن الفرحة تكون أجمل حين تكون من صنع أيدينا، وأن الميزان لن يعتدل إلا اذا عادت الحيوية للطبقة الوسطي التي تقود المجتمع وهو يبني ويعمر وينشر الفرحة في قلوب الجميع .
فلتغمر الفرحة قلوب الجميع، .. ورمضان كريم يأخذ بيدنا إلي عيد سعيد .