لا يعنينى على كم يحصل المذيع فلان أو علان من أى محطة، ما يعنينى هو ماذا يقدم وماذا يقول، وما هى المضامين التى تحرص محطته على تقديمها.
جميعهم يهربون ويكرهون كلمة مذيع وسارعوا إلى لفظة إعلامى حتى تتناسب مع ما يحصلون عليه، ومن أجل مزيد من الأبهة والوجاهة. فالصحفى إعلامى، ومذيع الراديو إعلامى، والصحفى الإلكترونى إعلامى، وكل من يحاول إيصال معلومة إلى جماهير عريضة هو إعلامى.
مذيعو «التوك شو» فى مصر اخترعوا شكلا تليفزيونيا غير موجود فى كل كتب الإعلام. يطل علينا يوميا لعدة ساعات ينصح ويرغى، ومن البلاهة أن تعتبر هؤلاء وطنيين لوجه الله.
كل منهم يخدم أهداف المحطة التى يطل علينا منها، مع اختلاف أشكال التغليف الإعلامى. جميعهم، بلا استثناء، لا يدركون أننا ودعنا ودون قصد ورغما عنا جميعا ما يعرف بـ «النظرية السلطوية» فى الإعلام بجميع أشكاله.
ولا يدركون أيضا أننا دخلنا، دون أى مجهود، بعد ثورة 30 يونيو، إلى ما يسمى بـ«نظرية المسئولية الاجتماعية للإعلام»، وهى كيف تسهم من خلال موقعك الإعلامى فى بناء الدولة والتعريف بالمسئولية التبادلية بين الدولة الوطن ومواطنيها.
وعندما تؤهل المواطن لحفظ ما له من حقوق لدى الدولة وما عليه من واجبات تجاهها، فقد نجحت إعلاميا نجاحا عظيما ولن تحتاج إلى التلقين المفتعل. والمسئولية الاجتماعية أيضا تفرض عليك أن تقوم بدور المعارضة المستنيرة التى تساعد على البناء النظيف، فكل الأشياء لا يمكن أن تكون رائعة وأيضا لا يمكن أن تكون سيئة.
الإعلام يا سادة شىء آخر غير ما نراه ليلا على شاشات الفضائيات فى مصر إلا قليلا، فهو مهنة ذاتية تكشف كل ما بداخلك حتى لو حاولت إخفاءه، ومهنة وطنية لا يمكن أن تمارسها إلا داخل بلدك الأم، وللأسف تمويل المحطات هو ما قد يفسد ذلك.