نصف الدنيا
حنان البهي‏
لا تنس اللى فات.. وابدأ صفحة جديدة
اعتاد الكثير منا نصيحة البعض بقول «انسى اللى فات» وابدأ صفحه جديده!!! وكأن البدايات لا تأتى إلا بنسيان مافات!

ولكن ومع احترامى للجميع هذا خطأ شديد.. فما فات يٌمثلنا ويٌمثل تصرفا قمنا به.. وصحة هذا التصرف من عدمه لا يمكن أن تكون شيئا منسيا وإلا فهو سوف يتكرر مرة ومرتين بل وربما عشر مرات..

أحيانا يخطئ البعض قاصدا خطأه و»قاصدا» هنا أعنى بها أشياء كثيرة مثل أن يريد أن يٌجرب شيئا غير مألوف.. أو شيئا ممنوعا.. أو يخرج على التقاليد.. أو أن يجرب أن يقيم علاقة غير مناسبة وغيرها من الأشياء التى لا أبررها على الإطلاق ولكنى لا أستطيع أن أنكر حدوثها.. وهنا فهذا الشخص فى حالة عودته إلى الطريق القويم عليه ألا ينسى أبدا ما فعله.. ليس فقط ليأخذ العظة وإنما لضمان تأكيد عدم عودته لما كان عليه مرة أخرى..

فكيف لمثل هذا الشخص عند عودته أن نقول له «انسى اللى فات».. لا.. لا يمكن سوى أن يضع ما فات نصب عينيه.. يتذكره ويتألم لخطئه ويندم عليه ثم ينوى ألا يعود إليه وهنا تكون المرحلة الفاصلة.. وهى أن ينسى ألمه ويتغلب عليه بل ويتذكره ويبتسم بعد أن كان يتذكره ويقشعر بدنه أو يخجل من نفسه!

ومن منا بلا خطيئة؟! قديما قال عيسى عليه السلام «من كان منكم بلا خطیئة، فلیرمها بحجر» وكانت فى أقصى الذنوب وأدناها وأحقرها على الإطلاق وهى خطيئة الزنا.. وذكرت المقولة فى زانية تابت توبة نصوحا وهاجمها الناس ولكنه ذكرهم بتلك الكلمات.. لم يطلب منهم أن ينسوا ما فعلته.. فهى طالما تابت، لن تنساه ما عاشت إلا فى حالة واحدة فقط وهى أن يرزقها الله النسيان والقدرة على مسامحة نفسها..

ولكن هل هناك شرط بأن ننسى كى نبدأ صفحة جديدة؟! أليس من الممكن أن يبدأ الإنسان من جديد والحافز هو التغلب على ما فات حتى لو كان دون نسيانه؟! التغلب على ما فات وكأنه درس الحياة.. التغلب على مافات لتستمر الحياة بدون تكرار شىء مماثل مرة أخرى.. التغلب على مافات حتى تستقيم حياة جديدة قائمة صامدة قوية كلها ثقة فى مستقبل أقوى وأجمل وأنجح.

وماذا لو نسينا مافات.. ونسينا أخطاءنا وما قمنا به سواء بقصد أو بدون؟! وماذا لو لم نعترف بأننا قد أخطأنا فى يوم ما؟ سنعيد الأخطاء ولن نعترف بها أبدا وبالتالى لن نستفيد منها.. سنكررها على اعتبار أنها أحداث طبيعية تمر علينا فى حياتنا.. ولن نتوب عنها أو ننوى عدم العودة إليها مرة أخرى..

كيف لنا أن ننسى مافات.. فالإنسان ماهو إلا مجموعة من الذكريات واللحظات الكثيرة التى فاتت وكونت معها شخصيته بكل ما فيها من مواقف ساهمت فى أن نكون ما أصبح عليه الآن وماسوف يكون عليه فيما بعد..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف