الأخبار
أمال عثمان
أوراق شخصية - الحرامي الشريف .. والضابط السوبرمان !
لجأ النجوم الشباب هذا الموسم الرمضاني لمسلسلات الجريمة والإثارة والمطاردات والأكشن، باعتبارها الوسيلة الأسهل والأسرع لاجتذاب الأنظار خلال الماراثون الرمضاني، وتحقيق نسب مشاهدة عالية، وانتزاع صك البطولة المطلقة، لذا زخرت المسلسلات بمشاهد التفجيرات والمطاردات الدموية وجرائم القتل، وأضحت الجنازات والمقابر وسرادقات العزاء عاملا مشتركا، في حين استحوذت قضية شبكات الإرهاب الدولي وصراعاتها مع الدولة وأجهزتها علي النصيب الأكبر من تلك الأعمال، وكأن هناك اتفاقا ضمنيا غير مكتوب.
ولكن يحسب لكتاب الدراما محاولات تناول قضية الإرهاب الدولي بأسلوب أكثر عمقا ونضجا، والابتعاد عن صورة النمطية السابقة للإرهابي ذي الجلباب واللحية والوجه المتجهم، وتجسيد شخصية ضابط الشرطة بأبعادها الإنسانية والنفسية، وتأثيراتها الشخصية والعائلية، وإن كان ذلك قد فتح الباب علي مصراعيه لتحويل تلك القضية إلي ما يشبه الانتقام أو الثأر الشخصي، واللعب علي رمزية البطل الشعبي، والصورة الملحمية لضابط الشرطة الذي لا يقهر ولا يهزم، ولا تصيبه طلقات المدافع ونيران الرشاشات، وإذا أصابته لا تقتله!! يا سادة الإرهاب "مش لعبة" والرصاص "مفيهوش هزار"، والضابط ليس داخله "سوبر مان"!!
> استغل المنتج تامر مرسي النجاح الجماهيري الذي حققه مسلسل "كلبش" العام الماضي، وراهن علي "أمير كرارة" في الجزء الثاني، والمسلسل يرسخ صورة ذهنية لضابط الشرطة "سليم الأنصاري" البطل الأسطوري الخارق مفتول العضلات، ومن خلال خطوط درامية متشعبة، يرسم الكاتب "باهر دويدار" رحلة الضابط للانتقام ممن قتل زوجته وشقيقته، وتسبب في إصابة والدته بالشلل وجعل ابنه يولد يتيم الأم، ويصور صراعه مع "عاكف" ابن الشيخ "أبوالعلا الجبلاوي" تاجر السلاح المتعاون مع عصابات الإرهاب الدولي والجاسوسية، ولكن العمل افتقد المنطق والمصداقية في جوانب كثيرة، وتضمن العديد من المبالغات والأخطاء الساذجة، وطغت عليه المشاهد الاستعراضية والمعارك الكارتونية، وبقدر ما جاءت مشاهد اقتحام منزل "الجبلاوي"، والهجوم الإرهابي الانتقامي علي منزل عائلة "سليم الأنصاري" ساذجة وضعيفة، كان مشهد استشهاد الطيار في غاية الإتقان و البراعة تصويرا وأداءً.
> رغم جرعة العنف والأكشن والأحداث المصطنعة والمغامرات المبالغ فيها، استطاع مسلسل "رحيم" أن يحقق نجاحا جماهيريا كبيرا، يكمل به الفنان ياسر جلال مشوار نجوميته، والذي بدأ العام الماضي بمسلسل "ظل الرئيس"، ويجذب شريحة كبيرة من الجمهور من خلال شخصية رجل أعمال ثري استطاع أن يصعد السلم الاجتماعي من القاع، ويحقق ثروته ونفوذه وهيبته في المجتمع من خلال الأعمال غير المشروعة، لكنه يسجن بعد 25 يناير بتهمة الفساد وتهريب أموال لصالح بعض الشخصيات الكبيرة في الدولة، ويخرج بعد 7 سنوات لينتقم ممن سرقوا أمواله وممتلكاته، ويستعيد مكانته وخطيبته وأسرته.
الأمر الخطير حقا أن المسلسل يصنع من شخصية "رحيم" نموذجا لبطل شعبي يتمتع بكاريزما ومواصفات شكلية وجسمانية جذابة، ويرسخ لمشروعية "حلم" يداعب خيال شريحة واسعة من الشباب الباحث عن الثروة والمال السهل السريع، ويرسم صورة مزيفة لشخصية بلطجي وقور صاحب مكانة اجتماعية مرموقة، وحرامي شريف يمتلك القصور والفيلات بالذكاء والفهلوة والقوة الجسدية، ورجل فاسد بني أسطورته بالعلاقات المشبوهة مع كبار الشخصيات في المجتمع!!
إن ياسر جلال ممثل موهوب يتمتع بكاريزما لا ينكرها منصف، وفنان أثبت أن غيابه تلك السنوات أصقل قدراته التمثيلية، ومنحه حالة من الثقة والنضج الفني تجعله قادرا علي اختيار الموضوعات والقضايا التي يقدمها في أعماله القادمة، حتي لا يهدر تلك الموهبة والنجاح الذي تأخر كثيرا في أعمال تساهم في هدم قيم ومفاهيم المجتمع.
> يظل لمسلسلات النجوم الكبار بريقها ووهجها، وأتوقف هنا أمام كوميديا اجتماعية راقية وعمل رمضاني بامتياز، هو مسلسل "بالحجم العائلي" للمبدع يحي الفخراني، الفنان العظيم الذي يقطر إحساسا وصدقا وتوهجا، ويذوب تحت جلد كل شخصية يجسدها إلي حد التوحد، هذا العام اصطحبنا الفخراني بأدائه السهل الممتنع لعالم السفير "نادر التركي"، الرجل الذي خلع ثوب الدبلوماسية، وارتدي ثوب رجل أعمال يمتلك أحد الفنادق في مرسي علم، ويقرر أن يمارس هوايته في الطبخ لنزلاء الفندق، ويختار لنفسه حياة بسيطة تحقق له السعادة المفقودة، بعد أن تقطعت سبل التواصل مع زوجته وأم أولاده المتسلطة العنيدة المتمسكة بالمظاهر الاجتماعية، الشخصية التي أدتها ببراعة النجمة الجميلة ميرفت أمين، ورغم بساطة الفكرة إلا أن الكاتب محمد رجاء نجح في تقديم معالجة لا تخلو من التشويق والمتعة، منحتها تفاصيل المخرجة هالة خليل مذاقا خاصا ومختلفا.
> رحلة نفسية غامضة، ومغامرة فنية مثيرة استمرت 30 يوما مع المبدع باسل خياط، الفنان الذي يمنح شخصيات أعماله تفاصيل وملامح متفردة، لا يصل إليها كاتب العمل نفسه الذي رسم أبعاد الشخصية، ومن خلال مسلسل "الرحلة" أحد أفضل الأعمال التي عرضت في رمضان، قدم شخصية أستاذ السموم المصاب بعقدة نفسية، تدفعه إلي حبس زوجته في منزله الجبلي بيروت، حيث يعمل بإحدي الجامعات هناك، لكنها تنجح في الهرب مع ابنتها والعودة إلي مصر، ليبدأ رحلته في البحث عنهما، ويتألق خلال الرحلة مجموعة من الفنانين المشاركين، ريهام عبدالغفور وحنان مطاوع ووليد فواز، ولكن "مي سليم" قدمت أسوأ أداء لشخصية خاضت الرحلة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف