المصرى اليوم
أسامة غريب
الشهرة
للشهرة سحر يفتن الناس ويحلق بهم فى سحابات الوهم، وهو وهم مزدوج يعيشه الشخص المشهور فيظن نفسه فوق البشر، كما يعيشه الجمهور المفتون الذى قد يتعلق بشخص تافه ويمنحه مكانة تفوق ما يستحق. صحيح أن الشخص المشهور قد يضيق أحياناً بعدم قدرته على التصرف بحرية والتجول فى الطرقات والجلوس بالأماكن العامة دون أن يعترض طريقه المعجبون، لكنه مع ذلك ما إن يحس بأن الأضواء قد انحسرت عنه وأنّ تهليل الناس فى الشارع بدأ يخفت أو أن هناك من يمر بهم فلا يحفلون به حتى يصاب بالهلع. لا تعود المسألة مرتبطة بالفلوس، فهو قد يكون جمع مالاً كثيراً ولم يعد يرجو المزيد، لكن عدم انشغال الناس به هو أمر يصيبه نفسياً فى مقتل، خاصة إذا كانت شخصيته محدودة ولا يملك ثقافة وفكرا يجعلانه صاحب مكانة تحت أى ظرف.. نعم تكون المشكلة كبيرة عندما تكون الشهرة هى كل ما يملك، فهو هنا قد يتصرف تصرفات حمقاء ولا يخجل أن تتداولها الصحف، وربما تشيع فنانة عن نفسها ما ينتقص من شرفها وكرامتها لأجل أن تكون بطلة فى مجلات وصحف الفضائح. ليس هذا فقط لكن هناك ما هو أخطر من ذلك فى علاقة النجم أو النجمة بالزملاء.. إنه لا يريد لأحد أن يزاحمه ويدخل معه فى الكادر، لهذا فقد يتدخل مستنداً إلى سطوته ويحذف مشاهد للزملاء أو يلغى بعض شخصيات العمل بالكامل وقد يدوس على المخرج والمؤلف ويتصرف فى العمل كما يحلو له..
هنا تكون الشهرة والنجومية قد جعلت منه كائناً مسعوراً يعض وينهش ويغرس مخالبه فى الآخرين ويكون قد تحول إلى وَحش لا يقبل من الآخرين إلا النفاق ولا يقبل من الصحافة إلا المدح والتهليل. وقد نزيد فى هذا الصدد أنه من المعروف أن الإنسان الطبيعى لا يمكن أن يدخل غرفة العمليات ويضع نفسه تحت مبضع الجرّاح إلا إذا كان فى حالة مرضية شديدة تهدد حياته، لكن المشاهير من الفنانين يدخلون غرفة العمليات طواعية ويخضعون لعمليات تكبير الأثداء أو تصغيرها، تكبير الأرداف أو تنحيفها، وكذلك شد الجلد مرة واثنتين وثلاثا، كما يقومون بتعديل الأنف وحشو الشفاة وشفط الدهون.. كل هذا يفعلونه بتصور أنه يحفظ لهم الجسم الذى أحبه الجمهور والسحنة التى يظنونها كانت السبب فى النجومية، غير مدركين أن ما يفعلونه قد يجعل منهم أضحوكة عندما يتيبس الوجه وتغيب عنه الملامح ويفقد قدرته على التعبير ويظل مع هذا أملس ناعماً كوجه المومياء التى لا نعرف إن كانت سعيدة أم حزينة!.

والشهرة بهذا المعنى هى لعنة تحوّل الشخص الطيب الذكى إلى كائن أنانى مسعور، ومع هذا فطابور الراغبين فيها لا نهاية له!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف