الجمهورية
على هاشم
التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة.. استعادة ثقة المواطن.. وضبط الأسواق وتوفير الحماية الاجتماعية
* استعادة ثقة المواطن سوف تظل في يقيني هي التحدي الأكبر والشغل الشاغل لحكومة د.مصطفي مدبولي الذي شهدت وزارته تغييراً كبيراً شمل عددا من الوزارات السيادية والخدمية مع الإبقاء علي عدد من وزراء الحكومة السابقة..واستعادة تلك الثقة ليست عملاً هيناً» ذلك أنها تتطلب مضاعفة الجهود لتحسين مناخ الاستثمار وجذب رءوس أموال جديدة للسوق المصرية لتوليد مزيد من الثروة وفرص العمل و تحقيق فوائض اقتصادية تجبر عجز الموازنة و تسدد ما علينا من ديون وفوائد.
* المواطن يعتقد في قرارة نفسه أنه تحمل الكثير ولا يزال» أملاً في مستقبل أفضل تنتهي أو تخف فيه معاناته ويمكنه تحقيق الإشباع الاقتصادي بلا عناء» فقد تقبل قرارات الإصلاح الاقتصادي وتجاوب معها بصورة كانت محل إشادة من الرئيس السيسي في مناسبات عديدة ومن ثم ينتظر الشعب مع الولاية الثانية للرئيس أن تنفرج أزماته الاقتصادية وأن يجني ثمار تعبه وما تحمله من أعباء آن للحكومة أن تتحمل نصيبها منها باتخاذ مزيد من إجراءات الحماية الاجتماعية والاقتصادية للفقراء والطبقة الوسطي وفرض مزيد من الرقابة الفعالة علي الأسواق» لمواجهة جشع التجار وعدم ترك القطاع الخاص يتحكم في السوق بمنطق العرض والطلب أو التعطيش والاحتكار والمغالاة في الأسعار» تزيد معاناة البسطاء .
* صحيح أن ما نحن فيه اليوم هو نتاج اختلالات قديمة وقرارات اقتصادية تأخر اتخاذها عقوداً عديدة لكن ذلك يفرض علي الحكومة أن تتدخل بقوة لفرض الانضباط في الأسواق وطرح البدائل من السلع والخدمات بأسعار تعين المواطنين علي عبور الأزمة . وتوفير مواصلات دائمة علي خطوط السير ذاتها بأسعار تنافسية وهامش ربح معقول يقدر عليه الفقراء في مواجهة جشع سائقي الميكروباص..باختصار عليها التدخل لضبط جميع عناصر المنظومة الاقتصادية بدءاً بدعم الفلاح والمنتجين المحليين للسلع الاستراتيجية كما تفعل الدول الكبري رأسمالياً . مروراً بتقليل الحلقات الوسيطة في تداول السلعة بين المنتج والمستهلك حتي تقل التكلفة النهائية. نهاية بوضع هامش ربح استرشادي لكل منتج ليس بفرض تسعيرة جبرية فات أوانها بل بطرح مزيد من السلع المطلوبة في المنافذ التقليدية مع استحداث منافذ جديدة في المناطق النائية والمحرومة وإحياء نظام التعاونيات لإجبار القطاع الخاص والمحتكرين والمغالين علي الالتزام بالسعر المناسب لكل سلعة.
* للنظام الرأسمالي ضوابط والتزامات آن الأوان لتطبيقها وضرب الاحتكار الذي يوسع الفجوة بين الطبقات» فيزداد الفقراء فقراً. ويزداد الأثرياء ثراءً ويتهدد السلم الاجتماعي ولا يأمن المجتمع عواقبه» ومن ثم فإن المهمة العاجلة للحكومة والبرلمان هي استحداث آليات وتشريعات قادرة علي ضبط السوق من المنبع والتدخل الفوري بأساليب اقتصادية علمية مدروسة للسيطرة علي الأسواق بما يحقق العدالة الاقتصادية والإشباع خصوصاً للفقراء والطبقة الوسطي دون أن نتركهم فريسةً للغلاء العشوائي وانفلات الأسعار.
ثمة نجاحات اقتصادية تحققت بالفعل» فالضغط الرهيب علي الموازنة العامة تراجع وصار هناك فائض فيها ربما للمرة الأولي. كما أن أزمة الطلب علي الدولار اختفت بالفعل ولم يعد الاحتياطي النقدي مشكلة بعد أن وصل لأرقام غير مسبوقة بصرف النظر عن مكونات هذا الاحتياطي ..لكن سعر الدولار لم ينخفض أمام الجنيه المصري فتنخفض معه أسعار ما نستورده من الخارج وهو لو تعلمون كثيرا خصوصاً دواءنا وطعامنا وجانباً عظيماً من المحروقات وغيرها من الضروريات وهو ما يؤثر سلباً علي الأسواق التي لا تزال تعاني من الارتفاعات المستمرة في الأسعار بلا ضابط.
علي الحكومة أن تعمل جاهدة علي دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي ولعل الأول يوازي الأخير وربما يزيد عنه.. وفي دمجهما فوائد عديدة للدولة من ضرائب ورسوم ..ولابد للحكومة الجديدة أن تنتهج فكراً جديداً من خارج الصندوق لتوفير موارد حقيقية ومضاعفة الإنتاجية حتي تتقاسم مع المواطن أعباء الإصلاح الاقتصادي الذي يتحمله بكل صبر وأمل في حدوث انفراجة تدوم وتستمر ..لابد للحكومة أن تبادر بترشيد الإنفاق ,وإنهاء كل مظاهر البذخ والإسراف حتي تكون قدوة للناس الذين ينظرون إليها منذ القدم وحسبما ينطق تراثنا السياسي بحسبانها الأب والأمن والركن الذي يأوي إليه الشعب. وهي كذلك مصدر الآلام والمنغصات والأحزان» ومن ثم فهي مطالبة دائماً بإرضاء المواطن وإصلاح الاختلالات المتراكمة من أزمان بعيدة حتي تحافظ علي ثقة الشعب فيها فلا يراها سبباً لما هو فيه من غلاء وتدهور في الخدمات والاقتصاد والمرافق.
في كل الدنيا مهمة الحكومة أن ترعي الشعب وتسهر علي خدمته وتقوم علي كل أموره وتدبر احتياجاته وتدير الموارد والنظم بصورة فعالة ومواجهة التحديات والدفاع عن المصالح العليا للبلاد وتحميها من الأزمات والأخطار الداخلية والخارجية علي السواء.
وإحقاقاً للحق فإن حكومة د.مصطفي مدبولي لا تتحمل وحدها مسئولية تراكم المشاعر السلبية للمواطن تجاه الحكومات السابقة التي تركت المشكلات الاقتصادية تتراكم حتي صارت تلاً من الاختلالات التي انفجرت في وجه الحكومة الحالية» ذلك أن تلك الحكومات عجزت عن اتخاذ قرارات اقتصادية صحيحة في وقتها المناسب حتي توحشت الآثار الجانبية للمرض الاقتصادي وبات الدواء المر أمراً لا فكاك منه يتجرعه المواطن بغير استعداد ولا حتي إلمام بدواعيه ولا متي يتعافي منه.
علي الحكومة الحالية أن تدرك أن هناك حلقة اتصال مفقودة بينها وبين الشعب وثقة لن تعود بينهما إلا إذا اقتربت هي منه بإجراءات يلمسها ويستشعر أثرها الإيجابي في حياته اليومية..المواطن لا يريد من حكومته سوي أن تعامله باحترام كما تعامل كبار المسئولين.. فتهتم بشكاواه وتستمع لمطالبه وتلبي طموحاته وتزيل متاعبه» فإذا شكا مثلاً من انقطاع المياه أو الكهرباء أو سوء خدمات المحمول تسارع بحل المشكلة و إذا حفرت الأجهزة الحكومية حفرة أمام منزله بادرت برصفها ولا تتركها شهورا. أو تتركه يضرب أخماساً في أسداس..وإذا تراكمت القمامة أمام منزله سارعت بجمعها وحرصت علي نظافة الشوارع وتطهيرها بصفة مستمرة.
الديمقراطية الحقيقية ليست في كثرة الأحزاب ولا المجالس المحلية ولا البرلمانات والانتخابات النزيهة فحسب بل أن يشعر كل مواطن في البلد أن الدولة تحترمه وتعلي صالحه وتوفر له حياة كريمة. وأن الحكومة ترعاه وتخدمه. وأن ما يسدده من ضرائب ورسوم يعود إليه في صورة خدمات آدمية في المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق والمرافق كلها.
آن الأوان أن ينتهي منطق استعلاء الذين يقدمون الخدمات للجمهور. وأن يتم إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها الأجهزة الخدمية مع أفراد الشعب. وميكنة كل الإجراءات الحكومية حتي يقل تدخل العنصر البشري ويمتنع أو يقل الفساد والبيروقراطية والإهمال والبطء في الأداء والاستهتار بالناس وشكاواهم ..يجب أن يشعر كل من يقدم خدمة للجمهور من موظفي الحكومة أنهم خدم لهذا الجمهور. ولا يحق لهم أن يعبسوا في وجهه ولا أن ينهروه أو يضيقوا به ذرعاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف