الأهرام
أحمد سعيد طنطاوى
"منتخبنا الوطنى".. هل بالغنا فى الأحلام؟!
قديما قالوا: "نصف ما نحلم به كان من الممكن أن نحصل عليه.. لو أننا لم نضع نصف وقتنا في الأحلام!"، والمعنى؛ علينا أن نعمل ونجتهد ولا نتوقف عن السعي، وبذلك سوف نحصل على الأقل على نصف أحلامنا. لست في حالة تحليل فني لمباريات منتخبنا الوطني لكرة القدم في مونديال روسيا 2018.. لا لشيء إلا للتخفيف عن القارئ.. فهو يرى يوميا محللين رياضيين من غير المتخصصين أكثر مما يرى من المتخصيين أنفسهم.. فلا أريد أن أثقل عليه.
والسؤال هل بالغنا في الأحلام مع منتخبنا الوطني؟!.. وهل أفقنا على كابوس رياضي؟!

أعتقد أننا نبالغ في الفرحة ومن ثم في أحلامنا.. فليس معنى أننا فرحنا بالوصول إلى كأس العالم أننا قادرون على حمل كأس العالم.. لكننا كنا نتمنى أن نصل إلى الدور الثاني ونتخطى دور المجموعات.. ونرى طريقة لعب تُسعدنا.. ونحرز كثيرًا من الأهداف.. ويكون شكلنا على أرضية الملعب أكثر تنظيماً واستعدادًا.

ولكن هذا حالنا في مرات عديدة.. وأوقات كثيرة!!.. وهي حالة المبالغة في الفرحة والتوقعات والأماني والأحلام.. المبالغة في الوعد.

أتذكر غلاف مجلة الأهرام الرياضي.. بعد عدة أشهر من خروجنا من كأس العالم 90.. كان يتصدر الغلاف صورة كبيرة للكابتن محمود الجوهري – رحمه الله – وعلى الصورة مانشيت بالبنط العريض "سننافس على كأس العالم المقبل".. العنوان على قدر ما كان يبعث على الأمل كان أيضا يبعث على المبالغة في الأحلام، أو لنقول يبعث على السخرية.

فبعد أن خرجنا من كأس العالم 1990.. بهدف وحيد ودون أي فوز في ثلاث مباريات.. جاءت تصريحات الكابتن الجوهري لتلعب بأحلامنا وبأننا لسنا فقط قادرين على الوصول إلى كأس العالم المقبلة في حينها، بل سننافس على حمل الكأس مثلنا مثل ألمانيا والبرازيل وإيطاليا والأرجنتين.

مرة أخرى نستدعي الحكمة التي تقول: "نصف ما نحلم به كان من الممكن أن نحصل عليه.. لو أننا لم نضع نصف وقتنا في الأحلام!".

هل حقا نضيع وقتنا في الأحلام أكثر مما نعمل على تحقيق تلك الأحلام؟!! الإجابة معروفة.

خذ عندك حكاية أخرى.. حَلُمَ الشعب المصري بمجرد تخلي مبارك عن الحكم، أن الدنيا ستنقلب إلى اللون الوردي، وأن المشكلات سوف تُحل تلقائياً.. وأن الحياة في مصر ستصبح بلا فساد ينخر فيها.. وأن الأموال سوف تتدفق على جيوب المصريين من الأموال المستردة في البنوك السويسرية من حسابات مبارك ورجاله.. وأننا سوف نتحول خلال أيام أو بالكثير عدة أشهر إلى نمر كوري أو تنين صيني أو كمبيوتر ياباني.. ولكننا كالعادة بالغنا في الأحلام بلا عمل.

مرة أخرى ماذا لو أننا "لم نضع نصف وقتنا في الأحلام".. حلمنا أن ننظم كأس العالم في 2010.. وكانت من ضمن الحملة المصرية لإقناع العالم بجدوى أن تقام مباريات كأس العالم في بلاد الأهرامات.. عدة مؤتمرات صحفية كان يجريها أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة مع المواطنين يشرحون فيها استعدادت الدولة لتنظيم المونديال.. لكن الغريب حقا في هذه المؤتمرات أنها كانت مؤتمرات داخلية أقيمت في مدينة الأقصر وطنطا وغيرها من المدن المصرية.. لإقناع المواطن المصري.

تخيل عزيزي القارئ من هو المواطن المصري الذي كان سيعترض على تنظيم كأس العالم لكرة القدم في مصر فيذهب إليه أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة ليقنعوه بجدوى التنظيم، إننا كنا نخاطب أنفسنا عن أنفسنا.. بلا عمل وبلا تخطيط وبلا رؤية.. لذلك حققنا صفرًا عندما جاءت لحظة الحقيقة والاختيار.

ليس جلداً للذات أن نناقش أسباب هزيمتنا، ولكنني متفق مع الوصف الذي قيل عنا يوما "نحن ننجح كأفراد ونفشل كمجموعات".. وللحقيقة أيضاً لا أحب أن نكسر هذا الجيل من اللاعبين ولا نحطمهم.. ولكننا كنا نتمنى أن يكون الحلم على أرض الواقع بالتخطيط ومزيد من التخطيط والعمل.. خاصة أن من بين اللاعبين من نجحوا على المستوى الفردي كمحمد صلاح، والذي اختير أحسن لاعب في إفريقيا وفي الدوري الإنجليزي.. ومن بين اللاعبين من يلعب في إنجلترا وتركيا واليونان وأمريكا.

نحتاج أن نتعلم كيف نخطط وكيف نحلم أيضا!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف