فى هذا العدد اخترنا أن يكون الملف الرئيسى هو «صناعة البسمة»، لأننا فى مصر، ورغم أننا نمتلك كل مقومات السعادة، لكننا أحيانا نبحث عنها دون أن نجدها، وبعضنا يتملكه التشاؤم دون مبرر، وآخرون يغرقون فى أزماتهم ومشاكلهم فيصعب عليهم أن يجدوا لها الحلول التى تناسبها، يتوه عن فكرنا أن من بيننا من يمتلكون عبقرية صناعة البسمة على وجوه الآخرين، ولو نظرنا إليهم وتعلمنا منهم لما اكتفينا بأن نصنع البسمة لأنفسنا، بل سنصنعها للآخرين من حولنا، فمصر ليست دولة كئيبة وشعبها ليس نكديًا أو مهمومًا، وإنما هو شعب قادر على النجاح وقتل الحزن وفرض الفرحة، شعب ليس انهزاميًا ولا مستسلمًا، فقط البعض منا يحتاج أن يرى الصورة كاملة، ينظر بعيونه حوله، ليجد ما يمكن أن يمنحه السعادة ويخلق عنده الأمل، سواء فى أشخاص تعرضوا لمحن فتجاوزوها بالصبر والتحدى والضحكة التى تهزم الألم، أو مشروعات تظهر كل يوم هدفها البناء والتعمير وخلق الملايين من فرص العمل للشباب وتغيير الحياة فى بلدنا، أو أفكار ومبادرات لا يصنعها إلا من يمتلكون القدرة على الإبداع فى قلب المحن.
كنا منذ عقود نتميز بأننا شعب قادر على تحويل الحزن إلى سعادة بالنكتة، كنا يضرب بنا المثل فى هذا الأمر، لكن هذا لم يكن سوى قدرة مصرية على نقد الأحوال بالسخرية، فلم تكن ميزة، كما كان يصورها البعض بل كانت صفة أكثر إيلامًا.
الآن نحن شعب مختلف، لا يسخر من واقعه، بل قلت النكتة وحل بدلًا منها العمل الإيجابى، لم نعد نحول الألم إلى سخرية، والحزن إلى فكاهة وإنما نحول الألم إلى فكرة بناء، والحزن إلى مبادرة إنقاذ، ومن يتابع مصر خلال السنوات القليلة الماضية، سيجد هذا التغيير متجسدًا فى مئات، بل آلاف المبادرات الخلاقة، التى صنع منها أبطالها واقعًا مختلفًا ونجحوا على بساطة أفكارهم أحيانًا أن يكون لهم تأثير فيمن حولهم وصنعوا لهم السعادة.
فمن قلب آلام مرضى السرطان خرجت مبادرات كانت فارقة فى معنويات المرضى وفتحت أبواب الأمل أمامهم، ومن معاناة المحبطين من مرضى فيروس سى جاءت المبادرة الرئاسية لعلاج المرض اللعين لتعيد البسمة إليهم، ومن ظلمة فقدان البصر كان إبداع مبادرة «عنيك فى عنينا» التى أنقذت الآلاف من المصريين كانوا يواجهون مصيرا مؤلما.
ومثل ذلك قائمة طويلة من إبداعات شخصية وشبابية بعضها بسيط، لدرجة يظن البعض أنها ساذجة، لكن تأثيرها كما السحر ومداها لا حدود له، من مبادرات فعل الخير التى تحولت إلى مؤسسات عملاقة تعول وتساند ملايين الأسر إلى أفكار طائرة تمت ترجمتها إلى برامج رعاية تبنتها الحكومة وتحمست لها الدولة فأصبحت ملاذ الملايين ومنقذة لأسر من الانهيار.
كل واحد من هؤلاء صنعت له السعادة وتغيرت أحواله وتبدل حزنه فرحًا، وألمه قدرة، لمجرد أنه وجد من يقف بجانبه ويمد يده إليه دون أن يعرفه أو يطلب منه مقابلا.
إذا.. فى مصر نستطيع أن نصنع السعادة، وأن نعيد البسمة، وقد حدث بالفعل أن ٤ ملايين تحولوا من البطالة إلى العمل الحلال أليست هذه سعادة، مليونا مصرى كانوا رهن الفيروس اللعين «سى» تم علاجهم وإعادة الأمل إليهم بعد أن كانوا فقدوه، أليست هذه سعادة نحو مليوني، أسرة استفادوا من فكرة تحولت إلى مشروع اسمه «كرامة وتكافل» فتحولوا من العوز المؤلم إلى القدرة على العيش بحد من الكرامة، أليست هذه سعادة طرق كانت تسمى مصائد الموت تغيرت صورتها وأصبحت مؤهلة للحفاظ على حياة الناس أليست هذه سعادة، ويمكن أن نسرد فى هذه القائمة مئات الأفكار والمشروعات والمبادرات، التى ساهمت فى السعادة للمصريين وكلها تؤكد أننا قادرون على تغيير الواقع فى كل لحظة لو أردنا، ولأن قيادة الدولة تعرف هذه القدرة لدى المصريين، لم تترك الفرصة، بل شجعت ودعمت كل من يسعى إلى صناعة السعادة سواء بجهد شخصى أو مبادرة يمتلكها أو فكرة يمكن أن تتحقق فى الواقع، فرأينا الرئيس السيسى لا يكتفى بإطلاق مبادرات من أجل إسعاد المصريين، بل ويدعم مبادرات كان البعض يعتقد أنها بلا فائدة، فإذا هى الآن جزء من السعادة، ورأيناه يبدع فى اختيار المشروعات التى تواجه كل ما يعانيه المصريون من مشاكل لتصنع لهم السعادة، حتى عندما حرص على أن يلتقى بالمنتخب القومى قبل سفره للمشاركة فى كأس العالم بروسيا كان الهدف هو تحفيز لاعبي المنتخب على بذل أقصى ما فى وسعهم من أجل إسعاد المصريين.
وعندما كلف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة كان هدفه استكمال الإصلاح من أجل إسعاد المصريين الذين أبدعوا فى التحمل.
إذًا.. السعادة ممكنة، بل وسهلة، فقط تحتاج قدرة على الإبداع والتعلم من الآخرين كيف صنعوا السعادة، وفى هذا لا نحتاج فى مصر وزيرًا للسعادة ولا مؤسسة ترعى البسمة، لأن كل مصرى يمكن أن يكون هو الوزير المختص بالسعادة إذا أبدع فى إسعاد من حوله حتى ولو كانت أسرته أو جيرانه.. فقط يجب أن ننادى على أنفسنا ونذكر بعضنا.. اصنعوا السعادة التى يستحقها المصريون.