الأهرام
د . أحمد عاطف
فن المسلسل ومستقبل التليفزيون
كعادتها كل عام، تمتلئ قنوات التليفزيون العربية بعدد ضخم من المسلسلات الدرامية التى تتجاوز عادة 40 مسلسلا على أقل تقدير. وبسبب ما سمى بثورات الربيع العربى، تعلقت الجماهير العربية أكثر بشاشات التليفزيون وكذلك بشاشات الانترنت، مما زاد من ميزانيات الاعلان عليها من أكبر الشركات الاستهلاكية وحتى بالجمعيات الخيرية. لكن فى العامين الأخيرين، زاد الإنفاق عن الدخل فى القنوات، فاجتمع ملاك وكبار مسئولى شبكات التليفزيون الخاصة فى كيانهم المسمى غرفة صناعة الاعلام وقرروا وضع حد اقصى لسعر شراء المسلسل الواحد خلال شهر رمضان الماضى، وحددوه بـ 70 مليون جنيه فقط.

ولذا توقف إنتاج بعض الاعمال التى كانت بميزانيات مبالغ فيها، واتجه كبار المنتجين للتسويق لمنتجاتهم بقوة فى قنوات تليفزيون عربية ملتزمة بدفع المستحقات مثل قناة ابو ظبى الحكومية أو التسويق لقنوات جديدة مثل قناة sbc السعودية الرسمية.

وتجد ميزانية الحملة الاعلانية لأى شركة كبيرة خلال رمضان تصل الى 150 مليون جنيه. وقد تأثرت السوق التليفزيونية بالثورة التكنولوجية الجديدة بسبب اتجاه الاجيال الجديدة إلى مشاهدة الاعمال الفنية على الانترنت، مما وجه جزءا من اعلانات الشركات الكبرى سنويا فى اتجاه منصتى اليوتيوب والفيس بوك. لكن المسلسل التليفزيونى لم يتأثر بهذا التغير لانه «الملك» بين كل المنتجات التليفزيونية. فأى حملة اعلانية تحتاج الى محتوى ليوضع الاعلان قبله او بعده أو أثناءه، والجماهير حبها الاكبر للمسلسل.

ما خلق بورصة للممثلين والنجوم الذين يفضلهم المعلن أكثر وبالتالى يطلبهم من القناة التليفزيونية وبالتالى تطلبهم القناة من منتج المسلسل. وبورصة المسلسلات خلال رمضان يتراوح اجر النجم الاول فيها من 45 مليون جنيه لنجم مثل عادل امام او محمد رمضان لنجوم يتقاضون 5 ملايين جنيه وهى اقل فئة لنجوم الصف الاول. او ربما يصنع منتج مسلسلا لمجموعة من نجوم الصف الثانى أكبر اجر فيهم لا يتعدى مليونى جنيه مثل مسلسل الرحلة لباسل خياط وحنان مطاوع. وبورصة التليفزيون مختلفة عن بورصة السينما، فهناك الكثير من النجوم استطاعوا وضع أنفسهم فى الصفوف الاولى تليفزيونيا رغم انهم لا يحققون اى ايرادات فى شباك التذاكر بالسينما.

ومن ضمن هؤلاء غادة عبد الرازق ومصطفى شعبان ويوسف الشريف. ولم يشفع لهم نجاحهم فى عالم المسلسلات لكى تنجح افلامهم عندما يقدمون عملا جديدا. لكن هذه القاعدة ليست ثابتة، فنجم مثل امير كرارة اصبح من نجوم الصف الاول فى السينما بعد نجاحه فى العامين السابقين فى جزأى مسلسل كلابش. وهناك نجوم سينما كبار مثل احمد السقا وكريم عبدالعزيز لم تحقق أعمالهما أعلى مستويات النجاح فى التليفزيون حتى الآن رغم تعدد تجاربهم وتنوعها، وذلك لضعف عنصرى السيناريو والاخراج فى أغلب اعمالهما. ما أدى إلى ظهورهما فى أعمال باهتة لم تحقق علامة فنية تذكر.

صحيح ان النجاح له اكثر من مقياس، منه مثلا حجم تسويق المسلسل لأكبر عدد من القنوات التليفزيونية والأسعار التى يتم بها شراء حق استغلال المسلسل، وبهذه المقاييس يكون السقا وكريم وغيرهما ناجحين، لكنهما غير ناجحين بالمقاييس الاخرى. مثل عدد المقالات النقدية الايجابية من متخصصين، او التحليل العلمى لآراء الجماهير وتعليقاتهم، وعدد مشاهدات المسلسل على مواقع الانترنت وغيرها. وقد استطاع فن المسلسل التليفزيونى ان يحتل المساحة الاكبر فى قلوب المتفرجين من كل الاعمار فى السنوات الاخيرة ربما بسبب تطور اساليبه الفنية بفضل دخول مخرجى السينما وفنانيها إليه. وللتنوع الكبير فى الموضوعات التى تطرحها المسلسلات، وللدعاية الكبيرة لها. والمسلسل بالفعل اكثر ربحية للمنتجين لانه يتم بيعه لعدد كبير من القنوات ومنصات الانترنت عكس الفيلم الذى يعرض بشباك التذاكر ثم تباع اغلب حقوق استغلاله لقناة واحدة أو موزع كبير. وهذا ما يفسر اتجاه منتجى السينما الكبار للتليفزيون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف