الجمهورية
مرعي يونس
التعليم أكبر تحدي
الحياة تحدي واستجابة.. والأمم الناهضة والمزدهرة في عالم اليوم هي التي نجحت في الاستجابة للتحديات وقهرها. ولننظر إلي اليابان التي انتقلت من دمار قنبلتين ذريتين أواخر الحرب العالمية الثانية إلي ما هي عليه اليوم. أو لننظر إلي كوريا الجنوبية. أو حتي كوريا الشمالية التي يقال عنها إنها دولة فقيرة ومعزولة في عام 1960 كانت كوريا الجنوبية أقل كثيراً من مصر. ويندهش المرء حينما يعلم أن أكبر الاستثمارات في كوريا الشمالية توجه إلي التعليم. وأن المعلم في هذه الدولة هو الأكثر والأفضل تأهيلاً علي مستوي العالم. فالمعلم هناك يؤهل تكنولوجيا علي أعلي مستوي. بالإضافة إلي تأهله في مادته العلمية وقدرته علي تأهيل تلاميذه وطنياً.
وشعار هذه الدولة الناجحة أنه كلما ازداد التحدي تصاعدت قوة الاستجابة حتي يصلوا إلي ما يسمي بـ"الوسيلة الذهبية" وتعني مواجهة التحديات بسلسلة من الاستجابات التي قد تكون أحياناً غير ناجحة إزاء التحديات. لكن بكثرة المحاولات والإصرار تهتدي الأمم إلي الحل النموذجي. لتصل إلي النهضة والحضارة.
والتحديات التي تواجه حكومة دكتور مهندس مصطفي مدبولي هائلة ومتنوعة. وتنوء بحملها الجبال. ولن أعدد التحديات التقليدية التي تعاني منها مصر دائماً.. ولكن هناك تحدياً كبيراً هو التعليم الأكثر غرابة عجباً في مصر. هو من المضحكات المبكيات. والسبب أنه لا يوجد تعليم حقيقي في هذا الوطن. العملية التعليمية فقدت أهم عناصرها وهي: الانضباط. وأهلية المعلم.. فالتعليم انتقل من المدارس إلي ما يسمي "سناتر" أو "سنترز" لم يعد الطلاب يذهبون إلي المدارس التي بها معلم وفصل وسبورة. ومعمل ومكتبة. وموجه وبحث. إنما أصبح التعليم ملزمة وسنتر. ومدرساً خصوصياً. إنها المأساة التي لا يمكن أن تحدث إلا في مصر. والمؤسف أن تعليم الملزمة انتقل من المدارس إلي كليات مهمة مثل الطب والهندسة. أعرف أطباء. وأسمع عن آخرين حصلوا علي الماجستير والدكتوراة ودرجة استشاري. ولم يقرأوا كتاباً.. سألت أستاذاً في الطب ذات مرة عن هذه المأساة؟!.. فقال: هذا "طبيب ملزمة" لم يقرأ كتاباً كاملاً في الطب. إنما اعتمد علي الدروس الخصوصية.. حتي وهو يعد الدكتوراة.. وشكا لي أب علي المعاش مثلي أن ابنه حصل علي بكالوريوس الهندسة. وعاطل!!.. فقلت له دعه يهاجر. فالمهندسون مطلوبون في الدول المتقدمة.. فرد قائلاً: إنه مهندس علي الورق. أي لا يفهم شيئاً!!.. وهذه كلها كوارث.
إن جودة التعليم وإعادة الانضباط وجودة كل ما ينتج علي أرض مصر. ينبغي أن يكون الهَّم الأول للحكومة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف