الأخبار
محمد السيد عيد
الوصل والفصل - التحول الرأسمالي
شهدت مصر منذ ثورة يوليو حتي الآن تحولين اقتصاديين كبيرين، الأول قام به جمال عبد الناصر، وهو التحول الاشتراكي، والثاني بدأه السادات ولايزال مستمراً، وهو التحول الرأسمالي.
حين تولي عبد الناصر الحكم وجد أن ثروة مصر في أيدي نصف في المائة من شعبها وبعض الأجانب، لذلك قرر أن يقوم بتحويل الاقتصاد لصالح الجماهير، فأمم المصانع القائمة، وأنشأ الصناعات التي رأي أن الدولة لابد أن تمتلكها، كما أمم الشركات التجارية الكبري وشركات المقاولات، وأخذ الأرض من الإقطاعيين وأعطاها للفلاحين. وأمم البنوك، وتحكم تماماً في العملات الأجنبية، ولأن معظم وسائل الإنتاج صارت ملكاً للدولة فقد قامت الدولة بدعم السلع لصالح الشعب، كما قدمت الدولة الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة للمواطنين مجاناً.
في عهد السادات بدأ التحول الرأسمالي، بدأ بالخصخصة، أي نقل المصانع والشركات من ملكية الدولة لملكية الأفراد، وظهر الانفتاح، أي : ترك الحبل علي الغارب للأفراد لاستيراد ما يريدون، والعمل كوكلاء للشركات الأجنبية الاستهلاكية. كما رفع السادات يد الدولة عن العملة جزئياً، وسمح للأفراد والانفتاحيين الجدد بتداول العملة الصعبة، لكن بقيت رغم هذا التحول بعض الملامح الاشتراكية، تتمثل في مجانية التعليم والصحة ودعم بعض السلع التموينية والخبز. وأكمل مبارك ما بدأه السادات، إلي حد يمكن فيه اعتبار مرحلة مبارك مجرد امتداد للمرحلة الساداتية. مع تحولات كان لابد لها أن تتم، مثل ازدياد مساحة التعليم الخاص وظهور المستشفيات الخاصة والاستثمارية.
بعد ثورة 30 يونيو سارت مصر نحو التحول الرأسمالي الكامل، نظراً لتآكل الاحتياطي النقدي، وعجز الموازنة، والحرب الاقتصادية التي شنها الإخوان لحرمان مصر من الحصول علي ما يلزمها من العملات الصعبة، وارتفاع قيمة الدعم، وارتفاع الأجور بصورة غير مسبوقة. واتخذت القيادة السياسية عدة إجراءات، أهمها : تعويم الجنيه، ورفع الدعم تدريجياً عن الطاقة، مما نتج عنه ارتفاع جميع الأسعار. وللتخفيف من آثار هذا التحول الرأسمالي قدمت الحكومة برنامج تكافل وكرامة للفئات الأكثر احتياجاً، ورفعت قيمة السلع التموينية التي يستفيد بها الأفراد، واستمرت في دعم الخبز. وخلال المدة القادمة ستستكمل الحكومة عملية التحول الرأسمالي، لأن ثمة برنامجاً زمنياً متفقاً عليه مع مؤسسات التمويل الدولية. وندعو الله أن يحتمل المواطن المصري هذه الفترة، وأن تجتاز مصر هذا التحول بسلام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف