الوطن
جيهان فوزى
أردوغان.. الوهم الديمقراطى
لفت انتباهى بوست على الفيس بوك كتبه صديق للصفحة تعليقاً على نتائج الانتخابات الرئاسية التركية تحت عنوان: «شعب يحب رئيسه» سأسوق بعضاً مما كتبه:

«هل يا ترى سيأتى يوم يقف فيه المثقف واليسارى والعلمانى والديمقراطى العربى أمام السؤال التالى: لماذا انتخب الشعب التركى رجب طيب أردوغان أكثر من مرة بل مرات عديدة فى مناصب عدة؟ ولماذا يدعم ويلتف معظم الشعب التركى حول حزب العدالة والتنمية وحول رجب طيب أردوغان منذ سنوات طويلة؟ ألم يئن الأوان بعد للوقوف أمام هذه الأسئلة بجدية وعمق وشمولية بعيداً عن سطحية لغة الاتهامات المتسرعة والمسيسة والمنحازة لموقف سياسى أو حزبى أو رؤية أيديولوجية؟ هل بعد كل هذا الفوز لأردوغان سيستمر البعض فى دفن رأسه فى الرمال والاسترسال فى اتهام أردوغان وحزبه بالعمالة لأمريكا وإسرائيل واتهامه بالفشل واتهامه بأنه إخوان مسلمين.. إلخ؟ بل لقد وصل الأمر ببعضهم أن اتهم أردوغان بأنه مستبد وظالم وطاغية مثل حكام العرب فكان جوابى: لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور، هل سيأتى على الأمة العربية يوم تلتف فيه الشعوب العربية وتدعم وتؤيد حاكمها كما فعل ووقف والتف الشعب التركى حول رجب طيب أردوغان فى انتخابات حرة ونزيهة بشهادة القاصى والدانى وبشهادة الصديق والعدو؟ وهل يعرف هؤلاء أن أردوغان هو الذى طالب بنفسه بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. فى ظل رئاسته الحالية؟».

من الجلى أن تلك النظرة لأردوغان ما زالت موجودة لدى البعض من المثقفين ولا أحد يلومهم على قناعاتهم وآرائهم السياسية فهذا شأنهم الخاص، لكن الأمر لا يحتمل المغالطات التاريخية والخلط بين الأوراق واعتبار أردوغان رأس الحربة فى انتشال بلاده من الفقر والضياع منذ أن جاء إلى سدة الحكم! مثلما لا ينكر عليه أنه قام بإصلاحات وحقق طفرة اقتصادية لتركيا، لكنها جاءت استكمالاً لما بدأه سابقوه بوضع خطط وبرامج إصلاحية وتأسيس للبنية التحتية الاقتصادية فى تركيا، ففى نوفمبر عام 2002 جرت انتخابات رئاسية مبكرة لتأتى بحزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان وهكذا أطاحت النتائج بحكومة «بولنت اجيفيت» الائتلافية بأحزابها الثلاثة التى فشلت فى تخطى حاجز الـ10% للتمثيل فى البرلمان، ورغم ذلك تظل تلك الحكومة الأهم فى تركيا لأنها اتخذت جملة من القرارات الاقتصادية الجريئة، التى وضعها الخبير الاقتصادى «كمال درويش» نائب رئيس البنك الدولى فى ذلك الوقت ثم نائب رئيس الوزراء التركى، وفيها تم تعويم الليرة التركية وجعل قيمتها يحددها العرض والطلب، وهو ما أعاد الثقة فى الاقتصاد التركى واتخذت سياسات اقتصادية لتشجيع الاستثمار، وخلال سنتين حدث تقدم نوعى استغله أردوغان وراح يبنى عليه نهضته الاقتصادية، فخلال السنوات من 2003 - 2010 تمكن أردوغان من تغيير الحياة الاقتصادية لبلاده، لكن بمرور الوقت بدأت أعراض المرض تتسلل إلى ما تم إنجازه نتيجة النزوع السلطوى لحكمه واتساع دائرة المحاسيب والأقارب من حوله، أما الحديث عن نزاهة الانتخابات فهناك تشكيك فى نزاهتها.

أما علاقة تركيا بإسرائيل فهى علاقة تاريخية وممتدة بدأت جذورها بعد قيام دولة إسرائيل فى فلسطين عام 1948 وهى أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1949، فقد كانت تحمل هذه العلاقة فى عقود الستينات والسبعينات ورقة ضغط على الدول العربية، ولأن عوامل الاقتصاد والسياسة والأمن مهمة أيضاً، فالتعاون العسكرى بين البلدين بلغ عام 2008 أكثر من 1.8 مليار دولار، أما بالنسبة للتعاون الاقتصادى فإن الصادرات التركية لإسرائيل بلغت فى نفس العام نحو 1.53 مليار دولار. لقد تطورت العلاقات بين البلدين فى سياق سياسى، يقوم على المصالح، وربما ساعد على ذلك أن تركيا كانت فى سياستها الخارجية تركز على موضوع الانضمام للاتحاد الأوروبى، كما أن تقديم تركيا نفسها كوسيط فى عملية التسوية السياسية فى منطقة الشرق الأوسط، عزز من أهمية دورها، الأمر الذى دفع الغرب وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية إلى أخذها بجدية أكبر، غير أن تركيا لعبت الدور بطريقة مختلفة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف