الأهرام
مصطفى النجار
يوميات مصرى «حزين» على السياحة!
لماذا توقفت جهود المكتب السياحى فى لندن للاتصال بالبرلمان الإنجليزى لعودة الطيران إلى شرم الشيخ؟
لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك زيادة فى أعداد السائحين الدوليين إلى مصر فى الشهور الأخيرة وربما من النصف الثانى من العام الماضى بصرف النظر عن انخفاض الأسعار وبالتالى تراجع العائدات على الاقتصاد القومى فى إطار زيادة فى حركة السياحة الدولية كما أشار إلى ذلك أحدث تقارير منظمة السياحة العالمية.. بل أشار تحديدا إلى زيادة فى منطقة الشرق الأوسط ومن بينها مصر بالطبع.

ليس هذا بيت القصيد أو ما أريد أن أقوله.. ولكن أريد فقط أن أنبه إلى أن الزيادة فى حركة السياحة العالمية إلى مصر ليست بسبب جهود التنشيط المصرية إطلاقا ولكنها لأسباب سياسة وفنية ودولية بحتة أولها سياسية بما تشهده مصر من استقرار سياسى وتعامل دولى سياحى محترم مع كل دول العالم وثانيا الأسباب الفنية ويعرفها الخبراء من أهل قطاع السياحة وهى أن القطاع الخاص يبذل جهودا كبيرة فى التنشيط وأن شركات السياحة العالمية أو منظمى الرحلات الأجانب الكبار لا يجدون أماكن الآن فى بعض الدول السياحية مثل اسبانيا واليونان وبالتالى حولوا الحركة إلى مصر لأنهم فى النهاية يريدون أن يكسبوا وكذلك لأن مصر دولة سياحية رخيصة تلبى رغبات السائح الأوروبي.

هذه مجموعة نقاط مهمة فى بداية هذا المقال للتوضيح فقط ولا أقصد منها نقدا لأى طرف.. ولكن هى فقط توصيف للحالة أو إقرار للواقع الذى تعيشه السياحة المصرية.

لكن هناك على الطرف الآخر من يرى أن العالم يشهد طفرة أو زيادة فى حركة السياحة الدولية على وجه الدقة وأن مصر لا تأخذ نصيبها من هذه الزيادة بما يتناسب مع مقوماتها.. وأصحاب هذا الرأى يمثلهم أحد رجال الأعمال المصريين المقيمين فى لندن وهو «سمير تكلا» الذى لا تنقطع اتصالاته بنا، اهتماما بالسياحة وهو يؤكد فى كل مكالمة أنه «حزين» لأحوال السياحة عندنا عندما يقارنها بما يحدث من سياحة فى دول أوروبا.

الأخ سمير تكلا بعث إلينا بهذه الرسالة من مدينة فالنسيا الاسبانية حيث يقضى إجازته السنوية، وهى كما سنقرأ رسالة أو يوميات رجل مصرى «حزين» على ما تأخذه مصر من السياحة الدولية.. ولنقرأ معا ما يقوله ويؤكد فيه أن هناك طفرة فى السياحة فى أوروبا حيث يقول:

أستاذ مصطفى/ بعد التحية..

كنت فى رحلة نهرية لمدة 7 أيام أخذتنى الباخرة من أمستردام إلى ألمانيا ثم ستراسبورج والزاس فى فرنسا ثم بازل فى سويسرا كان ذلك فى أوائل هذا الشهر. وفوجئت بعدد من البواخر السياحية على نهر الراين والمليئة بالسائحين وفوجئت بعدد السائحين فى كل مدينة توقفنا فيها من أعداد غفيرة فى كل مكان، فمثلا فى أمستردام وضواحيها يذهبون لمشاهدة المراوح الهوائية وفى ستراسبورج مبنى البرلمان الأوروبى وأصغر كوبرى فى العالم (أنا متأكد عندنا كبارى كثيرة فى الأرياف أصغر منه 10 مرات) ولكن هذا هو ذكاء التسويق، يجعلون من هذا الكوبرى مقصدا سياحيا وكذلك الحال فى ألمانيا والزاس وفى بازل بعض الفيلات القديمة التيجان يسكنها مشاهير وكاتدرائية قديمة ومصنع أجبان ومزرعة ألبان ومتحف أسلحة قديمة إلخ إلخ إلخ ولكن كل شيء منظم، مرتب، نظيف، وزهور فى كل مكان.

أعطيك مثلا عن عدد السياح، فى ستراسبورج مدينة صغيرة عدد سكانها لا يزيد على 390 ألفا ولكن عدد السائحين 7 ملايين فى العام وفى الزاس عدد السكان مليونان و800 ألف والسياح 20 مليونا فى العام، أما فى أسبانيا والتى جئت إليها أول أمس بمدينة فالنسيا وجدت أن الشواطئ مزدحمة رغم أن العام الدراسى لم ينته بعد، كل ذلك يدل على أن هناك طفرة فى السياحة فى أوروبا ونشاطا غير عادى يصحبه رخاء وافر وأرسلت لك صورا توضح ازدحام الشواطئ بمدينة فالنسيا.

السؤال هنا: أين نصيب مصر فى هذه الطفرة؟ أين مكاتبنا السياحية، ربما يرد على أحد ليقول عندنا إرهاب وردى على ذلك أن الإرهاب أصبح فى كل مكان وكل وقت والناس أصبحت منتبهة لذلك وتأخذ احتياطها وقرروا أن يحيوا حياتهم العادية فهذا العذر أصبح غير مقبول. إذا كنّا جادين فى استغلال الكنوز التى تمتلكها بلدنا سواء من آثار أو طقس معتدل طوال العام أو أروع شواطئ على وجه الأرض بالإضافة إلى هذا الشعب الطيب المضياف فلابد أن نعيد النظر فى السياسة السياحية، إذا كانت فرنسا وأسبانيا يجذبان أكثر من 80 مليون سائح فلاشك أن مصر يمكنها جذب 100 مليون لابد أن نغير طريقة تفكيرنا فى التعامل مع السياحة والسائح كصناعة توفر. فرص العمل والدولارات.. وبمناسبة مكاتبنا السياحية بالخارج ماذا حدث للمكتب السياحى فى لندن؟ لم نسمع أى أخبار منه منذ فترة ولم نسمع عن أى تطورات فى مسألة عودة الطيران لشرم الشيخ؟ كان هناك نشاط ملحوظ منذ فترة وفجأة توقف هذا النشاط؟، يا ترى تعرف الأسباب؟

كنت أتمنى أن يستكمل المكتب السياحى فى لندن ما بدأناه من ضغوط واجتماعات فى البرلمان الانجليزى مع شركات السياحة والطيران البريطانية التى تضررت من توقف السياحة إلى شرم الشيخ.. لكن للأسف ضاع كل شيء نتيجة لتغيير مديرة المكتب.. ويبدو أننا لسنا مقتنعين بمواصلة الضغط أو أننا »مش عاوزين سياحة« والله حاجة تحير يا أستاذ مصطفي!!

فعلا أنا »حزين« وأنا أجلس الآن بمدينة فالنسيا وأرى هذه الملايين من السياح وأتذكر مصر بعظمتها وآثارها وشواطئها التى تتفوق على كل هذه الشواطئ.. ولكن لا نأخذ نصيبنا العادل من السياحة.. للأسف بسبب بعض المسئولين الذين لا يعملون ولا يدركون قيمة مصر وأهمية السياحة.. رحم الله الدكتور عبد القادر حاتم، الذى وضع الأساس للسياحة المصرية ولن أقول أكثر من ذلك! ولك تحياتي..

ولنا على هذه الرسالة أو اليوميات »الحزينة« عدد من التعليقات:

1 ـ لا أحد يستطيع أن يزايد على حب هذا الرجل لبلده مصر فما بذله من جهود بالتعاون مع المكتب السياحى فى لندن والاتصال بالبرلمان الانجليزى معروف لعودة السياحة إلى شرم الشيخ فهو رئيس لجمعية الصداقة البرلمانية الانجليزية ـ المصرية التى تضم نخبة من كبار أعضاء البرلمان الانجليزى وجاء مع عدد منهم إلى القاهرة وشرم الشيخ لإقناعهم بضرورة عودة الطيران الانجليزى إلى شرم الشيخ لأن فى ذلك مصلحة للطرفين بل أن بعض شركات السياحة الانجليزية والطيران تجمعت حوله وذهبوا للبرلمان للضغط.. ولكن فجأة توقفت هذه الجهود.. لماذا ..لا أحد يدري؟

2 ـ الرجل تحدث من واقع معيشته فى أوروبا عن طفرة فى أعداد السائحين فى عدد من الدول وهو ما أكدناه نحن فى بداية هذا المقال وهو يرى أن مصر إمكاناتها أكبر بكثير من هذه الأعداد التى تأتى إليها وعنده حق خاصة ما يتعلق بأن الخطأ فى بعض المسئولين وفى إدارة السياحة وفى مكاتب بالخارج لا تعمل.

3 ـ فيما يتعلق بالمكاتب السياحية بالخارج، فهى قضية لا يتوقف الحديث حولها منذ سنوات ولا أمل فى الإصلاح طالما الاختيارات خطأ والإدارة والتشغيل خطأ ولابد فى عصر التكنولوجيا أن نعيد النظر فى هذه المكاتب ودورها.. لقد اقترحت قبل ذلك أن تدار من مصر من داخل هيئة التنشيط بإدارة علمية محترفة تعتمد على التكنولوجيا.. بدلا من التكاليف الباهظة لفتح المكاتب والمرتبات والمصاريف والنتيجة أنه لا أحد يرضى عن عمل المكاتب.

على العموم ..تلك قضية يطول شرحها وسأعود إليها فى مقال قادم.. فالحديث «الحزين» الذى جاء به سمير تكلا حديث ذو شجون ويفتح قضايا كثيرة لمصلحة السياحة المصرية.

على العموم يا صديقى العزيز لا تحزن.. فالقادم أفضل بإذن الله وما علينا إلا أن نتمسك بالأمل!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف