الأهرام
جيلان الجمل
طالق بالثلاثة
تمر في حياتنا كثير من الإخفاقات أو التجارب القاسية، والتي يمكن تتحول إلى نقاط نجاح، إذا ما تم استثمارها بالشكل الأمثل وإعادة تدويرها كما النفايات، وكان آخرها "الثلاث هزائم بالمونديال"، وكأن كأس العالم يقول لمصر "أنت طالق بالثلاثة".
وفى رأيى يشبه هذا الموقف -مع الفارق طبعا- الزوجة التي ألقى عليها زوجها يمين الطلاق ثلاث مرات وهو يؤكد لها في كل مرة أنها غير صالحة له على الإطلاق.

حقا هو مفترق طرق بالنسبة لنا جميعا، فالمنتخب لم يفشل وحده، ولكن كل منا مسئول عن هذا الفشل الذريع، فالمجتمع يعانى من منظومة فساد متكاملة، أصبحنا نتنفس هذا الفساد الكريه حتى اعتدنا على رائحته، واتحاد الكرة ما هو إلا جزء من هذه المنظومة الفاسدة وهى ما تعرف بمتلازمة الفشل.

لتكن فضيحة طلاقنا بالثلاثة أمام العالم فى المونديال والصفعة القوية على وجهنا جميعا فرصة كى نعيد حساباتنا ربما نفيق، ولنعرف جيدا أن النجاح ليس وليد صدفة أو حظ، فالنجاح ليس "روما" كل الطرق تؤدي إليها، إنما طريقة الوحيد هو العمل المخلص الدءوب، كما حدث فى ذهبيات مصر بدورة ألعاب البحر المتوسط، والتي لم تأت من فراغ.

أما "الغش والفهلوة والبلطجة" فلا بد أن نبدأ في التخلص منها وبأسرع وقت إذا كنا نريد أن يكون لنا موضع قدم فى مونديال 2022، ولا أعنى بذلك كأس العالم القادم فقط، بل أعنى كل كأس يمكن أن يحصل عليه المواطن المصري في كل مناحي الحياة.

أربع سنوات هي مدة زمنية محددة ليتحدى المواطن المصري نفسه في نهايتها، بعد أن يكون قد أدى عمله على الوجه الأكمل.

الدرس الأخير كان قاسيا حقا، فهي لم تكن مجرد هزيمة كرة، ولكنها كشفت وراءها ما هو أفظع من تسيب وفساد وتجاوزات وسوء تقدير وأحقاد ونفوس مريضة وأنانية مطلقة وغيرها مما ستكشفه الأيام والتحقيقات.

وبما أن الإصلاح من ذاتنا هو هدفنا فلنعتبر ما حدث فرصة حقيقية لنغير ما بأنفسنا، فهذه هي الطريقة الوحيدة الفعالة لنتناول الدواء، وبما أننا أمام تغيير فكر وأسلوب حياة بالكامل فلابد أن نبدأ بطالب المدرسة الصغير، لنعلمه أولا كيف يحب العلم ويتذوقه من أجل أن يبني عقله وشخصيته، لا أن يتجرع ملازم امتحانات لينجح فقط!.

فاإذا لم نغير منظومتنا التعليمية بشكل جذري، فتوقعوا أن يتخرج الشاب للحياة طبيا ومهندسا ومحاميا "طالق بالثلاثة "، بعد أن يكون قد ارتكب أخطاء فادحة فى عمله، وقس على ذلك باقي المهن.

مصر تستحق أن نعمل بجد، لنعوض ما فاتنا ونقضى على الفساد بكل صوره وأشكاله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف