لويس جرجس
صور من بلدي - رزة وقنواتي وخالد .. دعوات للحوار
تصادف خلال أيام قليلة مرور ذكري ميلاد أو وفاة ثلاثة من أعلام مصر الذين أثروا حياتها الثقافية والسياسية. بفيض من العلم والمواقف الايجابية لصالح حاضر ومستقبل الوطن. إنهم السياسي والمفكر أحمد عبد الله رزة "توفي في 6 يونيو 2006". والفيلسوف الأب جورج قنواتي "مولود في 6 يونيو 1905". والمفكر خالد محمد خالد "مولود في 15 يونيو 1920". الصدفة جمعت بين الثلاثة أيضًا ـ إلي جانب الذكري ـ في الدعوة للحوار والديمقراطية. ونبذ التعصب الفكري والعقائدي. وترك المجال مفتوحًا لكل الآراء تتفاعل ـ دون عنف ـ للوصول إلي صيغة مشتركة تصل بالبلاد إلي النهضة المرجوة.
نبدأ بأحمد عبد الله الذي يتحدث في كتابه "الوطنية المصرية" الصادر عام 2000 عن الهوية المصرية. ويقول "هناك فرق سياسية ترسم للهوية بعدًا واحدًا وتطليها بلون واحد. وتري أن هذا هو غاية المراد من رب العباد. وإن كل الخلاف حول وجهة النظر هذه إن هو إلا خروج علي صحيح الدين. أو تمرد او مروق أو انضمام للأعداء. هذه اطروحات ضيقة الأفق عمرها قصير علي المدي التاريخي الممتد. لان دائمًا مراحل التعصب والانحطاط تتلوها مراحل من الازدهار الممكن حين تستيقظ همم الشعوب".
وعن التعددية وحل الصراع الاجتماعي بالطرق السلمية. يقول "هناك إسلاميون. ومازال هناك قوميون ومازال هناك اشتراكيون ومازال هناك ليبراليون. وهناك تعددية في المشروعات السياسية وتعددية في الثقافة وفي السلوك. وهناك تعددية في الاختيارات وتعددية في الاجتهادات حتي داخل التيار الواحد. هكذا خلق الله البشر. متعددون... لابد أن نري طريقة للصراع الديمقراطي السلمي في بلادنا. أما العناصر التي تمارس العنف فليس أمامنا سوي محاولة تحجيمها تمامًا إلي أن نجهز عليها. ولن يحجمها ويجهز عليها إلا أن تكون هناك مشاركة أوسع من الجماهير. وأن يكون هناك مشروع للإصلاح لكل شيء من أول مواجهة البطالة إلي مواجهة الفساد".
أما خالد محمد خالد. فانه في بدايات ثورة 1952 أصدر كتابًا بعنوان "الديمقراطية ابدًا". وكان شعاره علي الغلاف بعد العنوان "إن أفضل علاج لأخطاء الديمقراطية. هو مزيد من الديمقراطية". وفي حوار له مع جمال عبد الناصر قال: "الديمقراطية لغة الشعوب جميعًا وسفينة نجاتها الوحيدة. الديمقراطية هي وحدها القادرة علي حماية مكاسب الثورة. وفي غيابها يكون الخوف من ضياع هذه المكاسب واردًا وكبيرًا".
ثم نأتي إلي الفيلسوف الأب جورج قنواتي. الراهب الدومينيكاني "الدومينيكانية رهبنة كاثوليكية تأسست في فرنسا عام 1214م". المولود في الاسكندرية. والذي خصص نشاطه طوال نصف قرن من أجل تدعيم الحوار بين الأديان حتي أُطلِق عليه وصف "حلقة الوصل بين الفلسفة المسيحية ونظيرتها الإسلامية". و"جسر اللقاء والتواصل بين الفاتيكان والعالم الإسلامي". وتوج جهوده بانشاء جماعة الإخاء الديني في القاهرة. لتكون منبرًا لتأكيد قيم التسامح والتعاون والحوار بين الشعوب.
وهكذا واصل المثقفون المصريون الدعوة للديمقراطية والحوار وقبول الآخر. منذ بدايات النهضة الفكرية مع رفاعة رافع الطهطاوي في منتصف القرن التاسع عشر.