الوطن
د. أحمد عبد الظاهر
فوضى رياضية وقانون غائب
تحظى كرة القدم باهتمام العالم أجمع فى الوقت الحالى، فلا صوت يعلو على صخب أخبار ومباريات كأس العالم المقامة حالياً. وفى مصر، استحوذت مشاركة المنتخب القومى فى المونديال على اهتمام كافة فئات المجتمع، سواء قبل أن يبدأ العرس العالمى أو أثناء المشاركة فيه أو بعد الخروج المهين من دور المجموعات. وبعيداً عن المستطيل الأخضر، وقعت بعض الأحداث الرياضية التى كان القانون فيها هو الحاضر الغائب، فرغم أن قانون الرياضة الجديد لم يمضِ على صدوره سوى بضعة أشهر، إلا أنه يحتوى على العديد من الثغرات وأوجه القصور، وبحيث لا نجد فيه إجابة وافية عن العديد من التساؤلات. ولعل ذلك يبدو جلياً من خلال استعراض بعض العناوين المنشورة فى وسائل الإعلام المحلية مؤخراً.

ففى العاشر من يونيو 2018م، وقبل خمسة أيام على انطلاق المونديال، صدر قرار مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة بوقف قرار «الفيفا» السلبى بالامتناع عن منح حق بث عدد اثنتين وعشرين مباراة فى بطولة كأس العالم لصالح الهيئة الوطنية للإعلام ووقف جميع آثاره وإلزام الاتحاد الدولى بمنح الهيئة حق البث الأرضى المباشر لهذه المباريات. والحق أن هذا القرار يشكل تطوراً كبيراً فى آلية التعامل مع مشكلة احتكار بث مباريات كأس العالم، مقارنة بما حدث سابقاً فى مباراة مصر وغانا فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014م. ومع ذلك، يبقى أن هذا التحرك جاء متأخراً ولم يتم تنفيذ القرار على أرض الواقع رغم الاحتفاء الإعلامى المبالغ فيه بصدوره. ولا يوجد تصور واضح لدى المشتغلين بالقانون فى مصر عن كيفية التعامل المثلى مع هذه الإشكالية القانونية الرياضية، وذلك على الرغم من سبق صدور أحكام قضائية عن المحاكم الأوروبية فى هذا الشأن.

من ناحية أخرى، وعلى أثر الخروج المهين من كأس العالم، تقدم رئيس لجنة الشباب والرياضة فى مجلس النواب بطلب رسمى إلى رئيس البرلمان للموافقة على تشكيل لجنة تقصّى حقائق بشأن مخالفات الاتحاد المصرى لكرة القدم خلال بطولة كأس العالم، وإعداد تقرير بشأنها يُعرض على الجلسة العامة. وأكد أحد أعضاء البرلمان وجود مخالفات مالية تستوجب محاسبة المتورطين فيها بعد خضوعهم للتحقيق الفورى العاجل. فى المقابل، اقترح وكيل لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب أن تقوم وزارة الشباب والرياضة بمخاطبة الفيفا لإحالة أعضاء الاتحاد للنيابة. ونعتقد أن الدول العربية جميعها تعانى من غياب رؤية واضحة لحدود التدخل الحكومى فى المجال الرياضى، الأمر الذى يفسر عدم وجود تدابير حكومية حاسمة فى التعامل مع المخالفات التى تحدث فى الاتحادات والأندية الرياضية.

ومن ناحية ثالثة، اهتم الشارع الرياضى بخبر بيع نادى الأسيوطى لمجموعة من المستثمرين العرب، مع تغيير اسمه إلى «الأهرام سبورت». وتعليقاً على هذا الموضوع، أبدى وزير الشباب والرياضة ترحيبه بالفكرة، مؤكداً أن القانون الرياضى لا يمنع بيع أى ناد. وهكذا، ومرة أخرى، يتضح غياب التنظيم القانونى فى مسألة بالغة الأهمية، كان ينبغى أن تحظى باهتمام البرلمان، بحيث ينص القانون صراحة على الأحكام القانونية المنظمة لهذا الموضوع، لا سيما أن العالم كله يعرف ظاهرة بيع الأندية الرياضية منذ عهد بعيد.

وفى الختام، يمكن القول بأن تدريس القانون الرياضى غدا ضرورة ملحة، ونرى من الملائم أن تبادر كليات القانون إلى تخصيص أحد دبلومات الدراسات العليا لتدارس كافة الإشكاليات القانونية الرياضية. وتبقى كلمة: «الإصلاح يبدأ بالقانون ولا ينتهى به». والله من وراء القصد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف