الأخبار
نبيل زكى
كلمة السر - من يصنع التاريخ؟
كلمة السر
يلفت النظر في ثورة ٣٠ يونيو.. شجاعة المصريين واستعدادهم للمواجهة والتضحية في اللحظات الفاصلة من التاريخ عندما يشعرون بأن كيانهم ووجودهم وتراثهم وهويتهم تتعرض للتهديد.
فقد هدد محمد مرسي مندوب مكتب ارشاد جماعة الإخوان في مصر في الرئاسة، بإراقة الدماء اذا لم تقبل القوي المعارضة له استمراره في الحكم. وقال صفوت حجازي، أحد قادة التطرف والإرهاب: »اللي يرش محمد مرسي بالميه هنرشه بالدم»‬! وقال طارق الزمر، الذي ينتمي إلي نفس التيار: »‬سنسحق يوم ٣٠ يونيو، وستكون الضربة القاضية»!
ومع ذلك خرج ملايين المصريين إلي الشارع في حشود اثارت ذهول العالم لتعلن رفضها لثقافة الموت والكراهية واستعداء الآخر وتكفيره والغائه، وهي ثقافة وافدة غريبة عن الشعب وحضارته.
وكان ٣٠ يونيو تتويجا لسلسلة طويلة من المقاومة الباسلة والمظاهرات المناوئة للمتاجرين بالدين علي مدي الشهور السابقة. ورغم محاصرة المحكمة الدستورية العليا ودار القضاء العالي ومجلس الدولة ومدينة الإنتاج الإعلامي علي أيدي الإرهابيين.. ورغم اصرار مكتب الارشاد علي التشكيل الباطل لجمعية تأسيسية أوكلوا إليها مهمة وضع دستور للبلاد بالمغالبة لا بالمشاركة، ورغم ان تلك الجمعية كانت تضم بين اعضائها من يري ان الوقوف للسلام الوطني وتحية العلم.. حرام، ويرفض الاعتراف بالولاء للوطن، ومن اصدروا الفتاوي بعدم جواز مشاركة »‬الكفار» في أعيادهم!! ورغم الاصوات الهستيرية التي كان أصحابها يطالبون باطلاق »‬شلالات الدم» ما لم يتم تنفيذ مخططهم بالاستيلاء علي كل مواقع السلطة ومفاصل الدولة في مصر.. إلا ان إرادة المصريين لم تهتز، وقرروا النزول إلي ساحة المواجهة. لقد اوضحت الجماعة ان اغتصابها للحكم في كفة و»‬اعلان الحرب» في الكفة الاخري، وبدلا من دولة القانون.. اصبح قانون الغاب ومنطق البلطجة هو السائد.. وثمة شخص من قادة التطرف والإرهاب، كان يريد ان يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية، شوهد خلال إحدي الخطب التي يلقيها وهو يترحم علي زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي ويمتدحه رابطا اسمه بجملة »‬رضي الله عنه»!
وتأكد لدي المصريين ان الاسلام مخطوف من أهله علي أيدي أميين أو افاقين أو مزورين يصدرون الأوامر بارتكاب جرائم القتل بشرط أن يكون القتلي من المصريين، ويشجعون علي الاحتقان الطائفي لإلهاء الشعب عن قضاياه الحيوية، ويعتبرون التعددية قرين الكفر!
مصر اعتادت ان تصنع التاريخ، فهي الدولة المركزية في المنطقة بسبب مكانتها المتميزة وحجم تأثيرها السياسي وثقلها الثقافي والفني وحجمها السكاني وموقعها الجغرافي وقوتها العسكرية.
ومع انتصار ٣٠ يونيو بدأ انحسار وتراجع القوي الظلامية في المنطقة. وثمة لحظات من التاريخ.. نري فيها مصر تسبق الزمن وتحقق المعجزات.. ففي عام ١٤٦٨ ق.م احرز تحتمس الثالث في معركة »‬مجدو» - تقع في شمال فلسطين - انتصارا مدويا علي جيوش ٣٣٠ من الامراء الآسيويين. وفي عام ١٢٨٥ ق.م استطاع رمسيس الثاني ان يحول الهزيمة إلي نصر هائل في معركة قادش لطرد الغرباء من المنطقة وكانت مصر هي التي انقذت العالم من جيوش وجحافل التتار المتعطشين للدماء، الذين نشروا الموت والخراب واجتاحوا حلب وحماة وحمص ودمشق وغزة حتي وصلوا إلي باب مصر الشرقي، وكانت نهايتهم علي أيدي المصريين في عين جالوت قبل حوالي ٧٨٠ سنة. الجماعة الإرهابية أشبه بالغزاة والغرباء الذين أرادوا إهدار ثقافة وتراث وحضارة وتاريخ المصريين. والواضح ان مصر انقذت المنطقة كلها من أعداء الإنسانية والحياة.. والتراب الوطني.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف