الجمهورية
صالح ابراهيم
نصف مليون زهرة .. تتفتح!!
بعد انطلاق برنامج الإصلاح الشامل.. وتحرير أسعار العملة والوقود.. توطدت شراكة الاستثمار ومسئولية التنمية.. بين الدولة والقطاع الخاص.. سواء في المجالات التاريخية القديمة. أو المجالات المستحدثة التي فرضتها فلسفة التنمية المستدامة ورؤية 2030. حيث بات الانطلاق الشامل ضرورة حياة.. واتفاق بين القوي المنتجة في المجتمع. لكسب السباق. وتعويض ما فات.. حدث التنافس وأصبحت ملامحه واضحة.. كل قطاع يدرك وحده مسئوليته. مهما كانت المساحة التي يشغلها.. أو يطمح إليها.. والمضمار الأساسي هنا بالطبع الاستثمار.. فيما عدا الاستثمار الأغلي.. ونعني به التعليم.. حيث تتكامل المساحة المتاحة لتحقيق الأهداف.. بما يصب في صالح تطور المجتمع وبناء قدرات الأجيال. وأصبح نجاح وجدوي الاستثمارات التعليمية.. مسئولية جميع الأطراف.. لأنهم في النهاية آباء وأمهات.. وأولياء أمور يدركون كما الحكومة. أهمية وأولوية الاستثمار في مجال التعليم. ويدركون الصعوبات والتحديات.. وأهمية تدبير التمويل.. وإعداد الكوادر والوسائل التعليمية الأحدث "مناهج ومعدات" ويتفقون تماماً علي أن الهدف الرئيسي "توفير تعليم جيد" وأن التعليم ككل يتصدر الاحتياج الأول لكافة الإصلاحات والمشروعات.
علي الرغم من أن مصر عرفت التعليم في فترة مبكرة.. ولها أكثر من تجربة تحديث رئيسية. كانت أولاها في بدايات القرن التاسع عشر "مع ولاية محمد علي باشا" إلا أن أمراض الروتين والبيروقراطية.. والتعامل التراكمي بتأجيل المشكلات.. والتركيز علي إعداد طبقة ضيقة من الطلاب تحصل علي أعلي الدرجات.. وتحتكر مقاعد كليات القمة. هو غاية المراد.. ورغم أن مدارس الحكومة هي التي بدأت التعليم النموذجي.. والمتفوقين.. وإرهاصات التعليم الفني المتقدم.. إلا أنها كبلت العملية التعليمية في نفس الوقت.. بمناهج الحفظ والتلقين والكثافة غير المحتملة للفصول.. وتراجع الأنشطة والمكتبات المدرسية.. إلخ.. وكانت دروس التقوية التي نادي بها أولياء الأمور في مجال الآباء هي العرَّاب للدروس الخصوية التي استفحل خطرها الآن. وأصبحت تتصدر المأساة التعليمية إن صح التعبير.
بالمقابل حرص القطاع الخاص علي الدخول إلي النشاط التعليمي.. وزيادة حصته من التورتة بقدر المستطاع.. وذلك عن طريق الجمعيات الخيرية "المعروفة تاريخياً بالتصدي للاستعمار" وبعض الرواد من المعلمين الأوائل.. الذين رغبوا في منح خبراتهم للأجيال.. بعيداً ما أمكنها عن الروتين الحكومي.. وكذلك إدخال ما سمعوا عنه من ابتكارات وطرق ووسائل ومناهج.. صنعت الفارق لغياب النماذج.. ووصولاً للمداس الدولية. وفروع الأجنبية.. وتطور مدارس اللغات حتي المعاهد الأزهرية. دخلها أيضاً القطاع الخاص.
تعالوا جميعاً نزرع ونحصد في حقل تطوير التعليم.. تقوي الجذور.. ننقي الحشائش.. ننقح الزهور تحت مظلة إقامة مجتمع يتعلم. ويفكر. ويبتكر.. تعالوا نبدأ من رياض الأطفال. قاعدة النهوض بالتعليم الأساسي وما قبل الجامعي.. ها هو البنك الدولي الذي يساهم بقوة في عدة مشروعات أساسية للتطوير والتحديث مثل النهوض بقري المحافظات الفقيرة.. يتقدم للمساندة ودعم إصلاح التعليم علي مدي 5 سنوات من خلال مبادرات تحديث جريئة.. للتوسع في إقامة التعليم بتطبيق معايير الجودة لنحو نصف مليون طفل برياض الأطفال.. وتدريب نحو 500 ألف من المعلمين والمسئولين بوزارة التعليم. وإتاحة موارد التعليم الرقمية لـ1.5 مليون طالب ومعلم.
يتماشي المشروع مع استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" نظراً للدور الحيوي لإصلاح التعليم في التحول الاجتماعي.. وكما وصفته وزيرة الاستثمار "الاستثمار في البشر. مفتاح النمو الاقتصادي الشامل".. نرحب بدعم البنك الدولي لفرضه استراتيجية تطبيق الإصلاح مع التزام الحكومة التام بتطوير نظام التعليم لبناء جيل منتج مؤهل تأهيلاً جيداً للعالم المنافس.. نعم إنها مهمة قومية للمصريين جميعاً.. لا يمكن تلخيصها في تعديلات بالثانوية العامة.. أو نظم الامتحانات.. أو من المدارس. بالمزيد من معامل الكمبيوتر وأجهزة التابلت.. مفتاح المعرفة الرقمية للأجيال الجديدة.. إنها تعني العمل الجاد لتحسين منظومة التعليم بكاملها.. وتنمية المهارات والقدرات للمعلمين. وتطوير وسائل التدريس للطلاب.. وتكثيف استخدامات التكنولوجيا واعتماد نظم متقدمة وفعالة للتقييم المتواصل خلال السنوات الخمس القادمة.. مع تحديد صور المشاركة لكافة الأشكال والمؤسسات التعليمية لدي الحكومة والقطاع الخاص والأزهر والمجتمع المدني.. وإبراز الشخصية المصرية في حقل التعليم.. بما يعني تقديم المنتج فائق الجودة والاستثمار الأفضل لحلم التنمية والتقدم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف