الجمهورية
لويس جرجس
المدينة الفاضلة حلم البشرية المستمر
نخرج اليوم من الواقع الذي نعيشه ونحلق مع حلم شغل تفكير الإنسان منذ أن وجد علي ظهر الكرة الأرضية. وعبر عنه الفلاسفة طوال هذا التاريخ بصور مختلفة إنه الحلم الإنساني الدائم بالحياة الأفضل التي يسعي البشر إلي تحقيقها. وهو الدافع في كل عصر الذي أدي إلي تحقيق التقدم الإنساني.. هذا الحلم هو المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا.
عن أهمية هذا الحلم الإنساني القديم المتجدد. قال الأديب الفرنسي المعروف أناتول فرانس في القرن التاسع عشر الميلادي "لولا يوتوبيات العصور الأخري. لظل الناس يعيشون في الكهوف عرايا بؤساء. إن اليوتوبيات هي التي رسمت خطوط المدينة الأولي. ومن الأحلام السخية تأتي الوقائع النافعة.. إن اليوتوبيا هي مبدأ كل تقدم. وهي محاولة بلوغ مستقبل أفضل.
مصطلح المدينة الفاضلة - الذي كان توماس مور "1478 - 1535م" أول من استخدمه - يعني نموذجا لمجتمع خيالي مثالي يتحقق فيه الكمال أو يقترب منه. ويتحرر من الشرور التي تعاني منها البشرية وتقول د. عطيات أبوالسعود. أستاذ الفلسفة الحديثة. في تقديمها لكتاب ترجمته عن المدينة الفاضلة عبر التاريخ إنه "لا يوجد مجتمع كهذا في بقعة محددة من بقاع الأرض. بل في أماكن وجزر متخيلة وفي ذهن الكاتب وخياله وصارت الكلمة التي استخدمها مور تطلق فيما بعد علي كل إصلاح سياسي أو تصورات خيالية مستقبلية. وهي تختلف عن علوم المستقبل التي تقوم علي التخطيط العلمي للمستقبل. علي أساس الامكانات الواقعية".
ولكن هل اليوتوبيا ثورة أو تقدمية بالضرورة؟ نجد إجابة هذا السؤال في الكتاب الذي ترجمته د. عطيات "يرجع إلي عام 1949 وصدر في 1997 عن سلسلة عالم المعرفة" حيث تقول المؤلفة ماريا لويزي برنيري "القليل من اليوتوبيات كان ثوريا بشكل كامل.. كان الكتاب اليوتوبيون ثوريين عندما دافعوا عن مشاعية السلع في وقت كانت تعد الملكية الخاصة مقدسة. وعن حق كل فرد في الحصول علي لقمة العيش في وقت كان يشنق فيه الشحاذون. وكانوا ثوريين عندما دافعوا عن المساواة بين الرجل والمرأة في عصور كانت تعتبر فيها المرأة أفضل قليلا من العبيد. وعن كرامة العمل اليدوي الذي كان ينظر إليه علي أنه عمل مهين. وعن حق كل طفل في طفولة سعيدة وتعليم جيد. بعد أن كان ذلك الحق مقصوراً علي أبناء الأغنياء" ولهذا تخلص المترجمة إلي أنه "ليس هناك مجتمع أو تصور يوتوبي كامل من كل ناحية. بحيث يمكن تطبيقه علي كل المجتمعات وفي كل مكان أو زمان. فلكل عصر متطلباته. ولكل مجتمع احتياجاته المتجددة باستمرار".. ومازلنا نحلم بالمدينة الفاضلة.
وصورة من العالم
صادق مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية ساحقة مؤخراً علي حظر استخدام التعذيب أثناء استجواب المعتقلين..! قال السناتور الجمهوري جون مكين مقدم الاقتراح "يقدم هذا التعديل ضمانات أكبر بأن الولايات المتحدة لن تتبع أبداً هذا الطريق المظلم الذي يضحي بقيمنا من أجل احتياجاتنا الأمنية".
لا تعليق سوي أن هذا هو حال "فتوة العالم" التي تدين الآخرين بحجة ممارستهم للتعذيب. وهي نفسها التي مازالت تمارسه وبغطاء قانوني! علماً بأن هذا التعديل لم يعد نهائياً. حيث يتعين لكي يصبح سارياً. أن يقره مجلس النواب أيضاً ثم يحال إلي الرئيس أوباما لإصداره. ولا نعلم كم من الوقت يستغرق كل هذا وإلي ذلك الحين ستظل أمريكا تمارس التعذيب.. وتدين الآخرين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف