عبد الله البقالى
حديث الاسبوع - إفريقيا قادمة.. هل يسمحون لهـا بالعبـــور ؟ (٢/٢)
حديث الاسبوع
لا جدال في أن العامل السياسي كان ضمن المحركات الرئيسية، لعملية التغيير العميقة الجارية في منطقة معينة من القارة، بنفس القدر الذي كانت فيه من ضمن العوامل والأسباب الرئيسية، التي دفعت بأقطار إفريقية إلي الخلف نحو مزيد من التخلف والتقهقر، حيث نلاحظ بالنسبة للدول التي انطلقت في إقلاع اقتصادي حقيقي، استقرارا عاما في الأوضاع السياسية، وتداولا سلميا ثابتا علي السلطة من الرئاسة إلي الحكومة إلي البرلمان، باعتماد آلية الانتخابات الديموقراطية النزيهة، مما مكن من توفير أجواء مناسبة للاستثمار الخاص والعمومي، ومما كرس أجواء الثقة بين الفرقاء السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. وهذا ما فسح المجال أمام اختيارات اقتصادية من الجيل الجديد، ركزت علي دعم وتقوية الاستهلاك الخاص الذي يعتبر الرافعة الأساسية للنمو الاقتصادي عبر دعم القدرات الشرائية للمستهلكين والسعي نحو توسيع الطبقة الوسطي وتحسين أوضاعها، والرفع من معدلات الإنفاق العمومي في البنية التحتية الرئيسية في الطرق والموانئ والمطارات والسدود، وتشجيع البناء والأشغال العامة، والاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصال وفي الطاقات البديلة والمتجددة. مع إرفاق ذلك بصرامة متشددة فيما يتعلق بالحكامة وترشيد الإنفاق وتضييق الخناق علي الفساد. بيد أن العامل السياسي هو نفسه الذي يفسر الركود والتراجع، في بقاع أخري من نفس القارة، بعدما أصرت أنظمة الحكم فيها علي تكريس الانغلاق السياسي والتفرد بتدبير شؤون لحكم. و لكن بصفة عامة، فإن الاتجاه العام نحو النمو هو السائد في غالبية أجزاء القارة، حيث تحسنت معدلات النمو في دول شمال إفريقيا، بشكل ملحوظ خلال السنة الفارطة بمعدل عام وصل إلي 5 بالمائة. في حين وصلت هذه المعدلات في منطقة غرب إفريقيا إلي 2.5 بالمائة خلال نفس السنة، بيد أنها لم تنزل عن 1.9 بالمائة في منطقة جنوب إفريقيا، وهي المنطقة الأكثر ضعفا في إفريقيا فيما يتعلق بالنمو، وكان بالإمكان أن تحقق معدلات أعلي لولا ضعف حصة الناتج المحلي الإجمالي، ومع ذلك فقد كان لافتا جدا إلي أن تصل معدلات النمو في كل من المالاوي وجزر الموريس والموزمبيق ولوسوتو إلي 4 بالمائة.
لذلك لم يعد ممكنا اليوم، الحديث عن إفريقيا بلغة الماضي القريب أوالبعيد، والأدهي من ذلك كله، قد نصير نحن في الأمد المنظور،أحاديث للأفارقة بنفس المضامين التي كانوا عرضة لها.
فإفريقيا تتحرك، هذا ما تؤكده المؤشرات الاقتصادية الصغري والمتوسطة والكبري، وقد تتطلب عملية إفراز النتائج علي صعيد الواقع بعض الوقت، وأن الصورة النمطية التي تكرست في مخيلاتنا حول المواطن الإفريقي هي بصدد الزوال، إن سمح الآخرون الأقوياء بذلك، ولم يجهضوا الأمل الذي بدأ في التجسد.
• نقيب الصحفيين المغاربة