صلاح عطية
ثورة 30 يونيه .. صنعها شعب مصر
لي صديق أعتز بصداقته.. لأنها تذكرني بمشاركتنا معاً.. ومع الملايين من أبناء مصر في حشود 30 يونيه 2013.. وعبر الموبايل.. يأتيني صوته في هذه المناسبة من كل عام.. وفي كل مناسبة وطنية.. يتحقق فيها إنجاز لمصر.. "مهنئاً" ومذكراً بالدور الذي قام به الشعب في ذلك اليوم.. هذه صداقة بدأت علي رصيف ميدان روكسي في جلسة شاركنا فيها العديد ممن خلدوا إلي استراحة قصيرة. جلوساً علي حافة الرصيف.. صديقي الذي أعتز بصداقته التي بدأت من هذا الرصيف هو الأخ "إبراهيم سيد أحمد" وهو أحد رجال التعليم في شبين الكوم.. تجاورنا جلوساً علي حافة الرصيف.. في مساء 30 يونيه 2013 وحتي مطلع فجر الأول من يوليو.. وقد جاء إلي القاهرة يشارك في حشود ذلك اليوم.. حديثنا كان عن الأمل في انتصار هذا الشعب.. الذي تجمعت جموعه من كل أنحاء مصر.. وفي كل شوارعها وميادينها.. الكل يحمل لافتات "ارحل" والكل يزأر "يسقط حكم المرشد".. كنا قد خرجنا ظهر ذلك اليوم.. مجموعة من الأصدقاء تواعدنا جميعاً علي الالتقاء في ميدان روكسي في مصر الجديدة ظهر 30 يونيه 2013.. وانضم إلينا الأبناء والأحفاد الذين جاءوا من مساكنهم لنتشارك جميعاً في احتشادنا معاً في ذلك اليوم بعد أن وقعنا جميعاً علي استمارة "تمرد" التي كان الكل يتبادلها وينسخ من كل نسخة العشرات.. ويقدمها لكل من يريد التوقيع. ثم يتم تجميعها وتسليمها إلي متطوعي تمرد.
هذه الاستمارة بلا شك أسهمت بدور مهم وهائل في الحشد.. ولكن لم يكن الدور الوحيد.. ولكن دور لا يمكن إنكاره.. إلي جانب أدوار أخري مهمة قام بها الإعلام.. وقام بها قُضاة مصر.. وأيضاً إلي جانب خطايا الإخوان التي حشدت الناس ضدهم.. وكانت مسامير تُدَق في نعشهم يوماً بعد يوم.. وتعداد هذه الخطايا يفوق مساحة هذه الكلمة.. ولكن هل ينسي أحد حصارهم للمحكمة الدستورية.. وحصارهم لمدينة الإعلام.. وتهديداتهم للقُضاة بمذبحة للقضاة.. ومحاولتهم إنهاء خدمة ثلاثة آلاف قاضي لتعيين "مشاركيهم" ثم نائبهم العام الملاكي.. وكارثة الإعلان الدستوري.. ومذبحة الاتحادية.. والخطوات المتسارعة نحو الأخونة في كل المناصب. وفي كل الأماكن. وتعيينهم لمحافظين من بني جلدتهم.. حتي الإرهابيين الذين شاركوا في مذبحة الأقصر. جعلوا من أحدهم محافظاً للأقصر.. ثم ازدادوا وقاحة بتعيين إخواني منحرف.. ومؤهلاته تسجيلات جنسية مع إحدي طالباته.. ليكون وزيراً للثقافة لأخونة الوزارة.. ومواجهة الفنانين والمثقفين لهذا الإخواني الفاجر.. واعتصامهم أمام الوزارة واحتلالهم لها.. ثم محاولات بلطجية الإخوان لفض الاعتصام الذي لم ينجحوا فيه.. واستمر الاعتصام حتي يوم الثلاثين من يونيه ليكون أحد مفردات هذا اليوم.. كل هذا وغيره حشد الناس جميعاً. والذين خرجوا علي قلب رجل واحد لإنقاذ مصر.. وكانوا كلهم أمل في أن ينضم إليهم جيشهم الوطني.. وشرطتهم التي تآمروا عليها.. وقد اطمأنوا إلي الإشارات التي خرجت من الشرطة بالامتناع عن فض المتظاهرين بالاتحادية.. والانسحاب من أمامها. فضلاً عن تلك التي خرجت من قائد الجيش.. الذي أعلن في أكثر من مناسبة حرصه علي مصر وشعبها.. وأنه لن يترك مصر أبداً تقع فريسة حرب أهلية.. ثم كان الإنذار التاريخي الذي أمهل الجميع أسبوعاً.. والحمد لله الذي أعمي أبصار وبصائر الإخوان. وطمس علي قلوبهم. فلم يقبلوه.. وساقهم غرورهم إلي حتفهم.
هل سمعنا في كل هذا عن ذكر للحزب الوطني؟!
الآن بعد 5 سنوات من قيام هذه الثورة الشعبية المجيدة.. يحاول أحد قادة ذلك الحزب تبييض صورته.. وهو دكتور لا نعرف فيم كانت الدكتوراة.. ولا ماذا كلفته.. وقد اشتهر بشطحاته ونطحاته في منطقة مصر القديمة.. أيام حكم ذلك الحزب الذي انتهي بأبشع تزوير للانتخابات في تاريخ مصر.. ثم بكلمة استهزاء قالها زعيمه مبارك.. استهزاء بباقي القوي الوطنية المصرية التي حجبوها عن البرلمان بتزويرهم الوقح: "خليهم يتسلوا".. وأقسم بالله أني قلت ساعة سمعتها: إن هذه نهاية هذا الرجل.. وحين تحادثت مع العديد من الزملاء والأصدقاء.. وجدت لديهم نفس الإحساس.. وقد كان.. خرج الرجل بعد حكم 30 سنة.. ترك الفساد في كل أنحاء مصر.. ولم يترك منظومة واحدة سليمة.. وعلي رأس جرائم حكمه إهمال التعليم والصحة والزراعة والصناعة.. والخصخصة التي نهبت كل شيء.
هذا الدكتور الذي كانت تصرفاته أيام حكم الحزب الوطني في منطقته في مصر القديمة. يثير الكثير من الاشمئزاز والضيق.. يدَّعي بلا حياء ولا خجل.. أو كما يقول "بلا حرج ولا تردد".. أن قيادات ونواب الحزب الوطني قد التحموا مع القوي المدنية ونسوا خلاف ثورة يناير.
هل هناك بجاحة أكثر من هذا؟!.. وهل هناك إساءة لثورة يونيه أكثر من هذا؟!!
.. والغريب أنه في مقال كتبه في جريدة صباحية ينسب لنفسه مع آخرين تكوين "جبهة مصر بلدي".. متجاهلاً دور كل القوي الأخري في الحشد ليوم 30 يونيه ومدعياً أن الاجتماعات الثلاثة التي عقدتها هذه الجبهة.. التي لم نسمع عنها قط. كان لها فعل السحر في الحشد ليوم 30 يونيه.
هل رأيتم تزييفاً أكثر من هذا للدور الذي قام به شعب مصر عن بكرة أبيه في يوم 30 يونيه 2013. وما تلاه؟!.. هل رأيتم اجتراء علي الحقيقة أكثر من هذا؟!!
حقاً.. إذا لم تستح فاصنع ما شئت.. يكفي أنه كان من الحزب الذي جثم علي أنفاس مصر أكثر من ثلاثين عاماً.. دون أن ينجز شيئاً في صنع المستقبل لهذا الشعب.