تابعت مسلسل «اختفاء» خلال شهر رمضان ضمن مسلسلين اخترتهما وسط طوفان المسلسلات الرمضانية، أما سبب الاختيار فربما لأننى أحب الفنانة نيللى كريم وأحترم رؤيتها فى اختيارها لنوعية الأعمال الدرامية التى تؤديها. قصة «اختفاء» جديدة ومثيرة، لا تخلو من إسقاطات سياسية على عصر صلاح نصر المليء بالجرائم الإنسانية البشعة، التى دمرت الكثير من البشر بتلفيق تهم باطلة لهم، وزرع سماعات وكاميرات تنصت فى البيوت وغرف النوم، وتجنيد العديد من سيدات المجتمع الجميلات النافذات والفنانات المعروفات عن طريق إذلالهن بصور سرية لهن أو تسجيلات تكشف أسرارا وتفضحهن.
مسلسل «اختفاء» اختار أن يسير خطه الدرامى بشكل متواز بين قصة قديمة حدثت منذ ستين سنة، وقصة معاصرة تحدث الآن، وعلى طريقة التناص فى الأدب، تكاد القصتان أن تكونا متطابقتين فى الأشخاص، والأحداث، والأسرار. تقوم بدور البطلة فى القصتين نيللى كريم فى دور«نسيمة سوفليان» سيدة المجتمع الجميلة التى ترث بيتا جميلا مليئا بالتحف النادرة عن أبويها الأرمينيين بحى الزمالك، والتى كانت مطمعا لرجال صلاح نصر الفاسدين، الذين خلطوا العام بالخاص فى عملياتهم القذرة، واستغلوا نفوذهم غير المحدود فى الإيقاع بناس أبرياء مسالمين من أمثال نسيمة وزوجها الرسام نادر اللذين يعيشان فى حب وسعادة ليقلبا حياتهما رأسا على عقب، وينتهى بهما الأمر نهاية مأساوية أشبه بالأساطير الإغريقية، اغتيال نادر فى ظروف غامضة، والاستيلاء على زوجته وسجنها فى شقتها بواسطة أحد رجال هذا العصر سليمان عبد الدايم، الذى يمثل الشر الخالص.
يكتشف كاتب معاصر غموض قصة نسيمة، ويعرف أنها حية ترزق رغم زعم زوجها الثانى سليمان عبد الدايم وفاتها. يتتبع القصة القديمة التى لا يزال أبطالها على قيد الحياة بعد أن تقدم بهم العمر، ويتعرض فى رحلة بحثه الخطيرة عن الحقيقة لمحاولة اغتيال كادت تودى بحياته على يد سليمان عبد الدايم نفسه. يستمر الصراع بين الكاتب الشغوف بكشف الحقيقة مهما كلفه ذلك من مخاطر وتهديد لحياته، ويتصادف أن زوجته «فريدة» نيللى كريم تشبه نسيمة طبق الأصل. يستمر الصراع والمطاردات فى جو من الإثارة والحبكة الدرامية العالية طوال الحلقات. أدى دور الكاتب الفنان القدير هشام سليم، ورجل المخابرات الفاسد محمد ممدوح، كتب القصة أحمد مدحت، وأخرجها أيمن مدحت. المسلسل الرائع من إنتاج «العدل جروب» الذين يقدمون لنا فى دراما رمضان دائما عملا أو أكثر يعلى قيمة الفكرة، ويحتفى بالفن الراقى، شكرا جزيلا لصناع هذا العمل الجدير بالمشاهدة. بالحجم العائلى
أحب الفنان يحيى الفخرانى، واستمتع بفكره وفنه وطريقة أدائه التلقائية، التى تجعلك تعيش أحداث المسلسل وكأنك واحدا من أبطاله. أولا تحية خاصة للكاتب محمد رجاء الذى فكر فى موضوع اجتماعى كوميدى، خفيف، ولطيف، يناسب الأسرة المصرية، وهى نوعية من الدراما العالمية محبوبة جدا، ولها شعبية واسعة فى أنحاء العالم، أحيي كذلك المخرجة الموهوبة هالة خليل التى اختارت مدينة مرسى علم السياحية الساحرة وكأنها تؤدى دورا وطنيا، إلى جانب دورها الفنى بجذب السياحة الداخلية والخارجية لتلك المنطقة الخلابة من أرض مصر. هكذا يجب أن يكون الفن سفيرا فوق العادة لبلاده، تركيا أنعشت سياحتها بمسلسلاتها التى غزت بها العالم لتعرض أجمل الأماكن هناك، وها نحن نفعل الشيء نفسه «جراند أوتيل» الذى أنعش السياحة فى أسوان الساحرة بآثارها ونيلها وجمال طبيعتها، و«بالحجم العائلى» الذى فتح شهيتنا جميعا لزيارة مدينة «مرسى علم» النائمة على شاطئ البحر الأحمر، المخططة بتصاميم معمارية رائعة. المسلسل جميل والفنانة ميرفت أمين لعبت دورا جديدا عليها ببراعة كالمعتاد. تتر البداية أكثر من رائع، يحمل البهجة والفرحة، ويشيع طاقة إيجابية عند المشاهد المرهق طوال اليوم من عناء الجوع والعطش والحر القائظ، وكأنه رشفة ماء مثلجة ترطب جفاف اليوم وقسوته. كل الشكر لفريق العمل من وجوه شابة و«عتاولة» كبار فى التمثيل، فقط كنت أتمنى ألا يعانى المسلسل من التطويل الزائد على الحد، ومط الحلقات حتى تصل إلى ثلاثين حلقة بالتمام والكمال. لكنه «سلو بلدنا» وحسبة المنتجين الذين يصرون على ذلك حتى لو كان على حساب العمل!