فهمى عنبة
البناء علي الأراضي الزراعية.. جريمة مستمرة!
رغم موافقة البرلمان علي تغليظ عقوبة البناء علي الأراضي الزراعية في يناير الماضي.. إلا أن هذه الجريمة مستمرة في معظم القري والنجوع بمحافظات مصر دون استثناء!!
لماذا لا يتم تنفيذ القانون بحسم ضد المخالفين ومصادرة أراضيهم لصالح الدولة؟.. فبعيداً عن أن الأجيال المقبلة لن ترحمنا وستحاسبنا علي التفريط في هذه الأراضي.. فالسؤال المنطقي هو كيف نترك آلاف الأفدنة من أجود الأراضي الطينية تضيع بسهولة بينما يدفع المصريون الملايين لاستصلاح الصحراء الجرداء؟!
لماذا يبذل الشعب الجهد والعرق وتضييع أمواله في الرمال الصفراء.. ألم يكن من الأفضل إعطاء من يريد البناء علي أرض خارج الأحوزة وتكون مزروعة قطعة أرض صحراوية مجاناً بالقرب من المدن الجديدة حتي لو كانت مساحتها ضعفاً أو 3 أضعاف ما كان سيقوم بتبويره والبناء عليه من الأراضي الخصبة.. علي الأقل سيجعله ذلك يشارك في تعمير الصحراء وسيكون علي الدولة مد المرافق من مياه وكهرباء وصرف صحي إلي هذه المناطق.. وفي المقابل ستكون حافظت علي آلاف الأفدنة في الوادي والصعيد يتم الاعتداء عليها بوحشية ودون رحمة ودون تخطيط أو مرافق مما يحولها إلي عشوائيات جديدة تشوه شكل الريف وتصدر للحكومة مشاكل لا حصر لها.
مطلوب إعادة دراسة قوانين البناء علي الأراضي الزراعية وتطبيق عقوبات مشددة للقضاء علي هذه الجريمة لأنه بعد أقل من 20 عاماً لن تكون هناك مزارع إلا في المناطق الصحراوية المستصلحة.. بينما ستتحول الحقول الخضراء إلي غابات من الأسمنت تخنق المواطنين!!
شريف إسماعيل.. شكراً
عند إلقاء بيان الحكومة في بيت الشعب صفق أعضاء مجلس النواب طويلاً عندما قام الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء بتوجيه الشكر للمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء السابق اعترافاً منه ومنهم بالجهد الكبير الذي بذله وأعضاء حكومته خلال توليه المسئولية.
سيظل المهندس شريف أحد أهم رؤساء الوزارات في تاريخ مصر حيث تولي المنصب في فترة حرجة سياسياً وصعبة اقتصادياً ومرهقة اجتماعياً.
اتخذ إسماعيل خطاً مختلفاً حتي لو كان البعض يعتبر البعد عن الأضواء خطأ للمسئول.. اهتم بأن يتابع كل شيء بنفسه.. ترك الإعلام وكان يعمل في صمت فلم يتعرف الناس علي ما تم إنجازه.. فهو ليس كثير الكلام. يري أن العمل أهم.. تصدي لكل المشاكل المتراكمة من الحكومات السابقة.. وأراد أن ينهيها بحلول جذرية حتي لو كانت قاسية ومريرة خاصة في المجال الاقتصادي المرتبط بالمواطن لذلك اتهموه بعدم مراعاة البعد الاجتماعي ومن يعرفه يتأكد أن قلبه معلق بالفقراء.
حاول جاهداً وبإخلاص وبعمل طوال 24 ساعة أن يسرع في الإنجاز ويخفف من وطأة القرارات الصعبة.
نال الكثير من الانتقالات وتعرض للهجوم لإسراعه في برنامج الإصلاح لكن المؤسسات المالية الدولية تعتبر أنه أنقذ الاقتصاد المصري المنهار واستطاع ان يرفع معدل النمو إلي ما يزيد علي 5% في فترة وجيزة.. ونال حب واحترام كل من تعامل معه من عاملين ووزراء وإعلاميين.. وأثني عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة وعلي الهواء وفي لقاءات صحفية.
كل التحية لرئيس الوزراء الذي عاني من منتقديه أكثر من المرض الذي هاجمه وستمر الأعوام.. وسيأتي اليوم الذي يعرف فيه الجميع ما قام به المهندس شريف إسماعيل وحكومته بكل أعضائها رغم إخفاق بعضهم في استيعاب المرحلة ولكن يحسب لهم المشاركة في إصلاح الاقتصاد المهترئ وعلاج التشوهات المتراكمة عبر السنين في الموازنة العامة.. ويكفي أنه لم يتستر علي فساد وتم لأول مرة ضبط وزراء ومحافظين وكبار مسئولين وتحويلهم للنيابة وهو ما لم يحدث سوي في عهد السيسي عندما كان شريف إسماعيل رئيساً للحكومة.
كيف نواجه تغير المناخ؟
أكبر التحديات التي تواجهها الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة هو التصدي لما جاء في تقرير البنك الدولي الأخير الذي يحذر من تأثيرات شديدة للتغيرات المناخية علي عدة مناطق في العالم أهمها أفريقيا مما سيؤثر بالضرورة علي مصر.
مازالت الدول الصناعية الكبري تتعنت وتدمر البيئة وتلوث الجو بالانبعاثات الغازية ولا تريد الالتزام بما تعهدت به في اتفاقية باريس التي وقعت عام 2015 ودخلت حيز التنفيذ في نوفمبر 2016.. بل إن أمريكا انسحبت تماماً من الاتفاقية في يونيو 2017 وتنصلت من كل ما ألزمتها به الاتفاقية من خفض الانبعاثات التي أدت إلي ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1.2 درجة مئوية منذ بدء الثورة الصناعية قبل 150 عاماً.
لم تدفع الدول الكبري 100 مليار دولار للدول النامية لمساعدتها في التحول إلي الطاقة النظيفة ولن تدفعها.. ومع ذلك تضغط أمريكا وأوروبا واليابان والصين وروسيا علي الدول الفقيرة التي تريد بناء اقتصاديها لكي لا تتجه إلي الصناعة بحجة أنها تلوث البيئة وتزيد الانبعاثات الكربونية بينما مصانع الأغنياء لا تتوقف عن الدوران وتلويث الجو بعوادم الوقود الأحفوري وزيادة الاحتباس الحراري وزيادة اتساع ثقب الأوزون.
أما أخطر ما في تقرير البنك الدولي والذي يجب الاستعداد لمواجهته فهو تعرض منطقة جنوب الصحراء في أفريقيا لتغيرات شديدة في المناخ من الآن وحتي 2050 مما سيؤدي إلي موجة جفاف لن يتحملها السكان وتضطرهم للهجرة إلي الدول المجاورة وعددهم 86 مليوناً فأين سيذهبون؟!
بالتأكيد هؤلاء سيلجأون إلي دول شمال وجنوب أفريقيا وبينها مصر التي ستتعرض هي الأخري وفقاً للتقرير إلي انخفاض في إنتاجية الفدان نظراً للحرارة الشديدة مما يؤدي لنقص في الغذاء والمياه والأهم سترتفع مستويات مياه البحار وتهدد بغرق العديد من المناطق وانتشار الأمراض والأوبئة.
قد لا يخلو تقرير البنك الدولي من المغالاة والزيادة في حجم المخاطر لتخويف دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية حتي ترضخ الدول النامية وتوقف برامجها الانمائية وتتخلي عن الصناعة لتظل أسيرة للدول الكبري ولكن في نفس الوقت لابد من أخذ الحذر ودراسة التقرير جيداً والاستعداد لكل الاحتمالات وزيادة الاهتمام بالطاقة البديلة النظيفة لعدم توقف التنمية وفي نفس الوقت عدم الإضرار بالبيئة ثم إيجاد حلول من الآن للمهاجرين المحتملين بالتعاون مع الدول الأفريقية وبالأخص دول حوض النيل والاهتمام بالأبحاث الزراعية لزيادة غلة الفدان وتقليل استخدام المياه لمواجهة التصحر والشح المائي.
لا يمكن إنكار الجهود التي قام بها الدكتور خالد فهمي وزير البيئة طوال فترة تواجده في الوزارة.. وأعتقد أن الدكتورة ياسمين ستكمل ما بدأه خاصة أنها ساهمت كمستشارة للوزير في العديد من الملفات والإعداد للاتفاقيات الخاصة بالمناخ كما أنها خبيرة في العلاقات الدولية وتستطيع حشد التأييد لخطوات مصر التي أصبحت المتحدث الرسمي باسم أفريقيا والمسئولة عن ملف البيئة في القارة السمراء التي تحولت إلي مطمع للمستثمرين من الشرق والغرب.