تخيل أن يكون صديقك القريب الموسيقار محمد عبدالوهاب. ماذا ستسمع في جلسته معك وقدر المتعة التي ستصلك أو أن يكون رفيقك الدكتور مصطفي محمود.. بأي حوار ستحظي فما بالك إذا كان الكلام بين الاثنين وهما معا الصديقان وكانت هذه هي المناقشة وهذا هو الطرح الذي بدأه العالم مصطفي محمود.. حين خطر في باله السؤال.. بأي الأعمال سأقابل الله وكل حصيلتي في الدنيا شوية كلام وجري بما دار في رأسه ليلقي به علي محمد عبدالوهاب وكان الأخير ممن يخشون الله ويرهبون الموت.. لكنه رأي أن الفن رسالة وانه كفيل بدخول الجنة.. وما أروع رد د. مصطفي محمود وهو يقول يعني هتقابل ربنا يوم القيامة "ببلاش تبوسني في عينية دي البوسة في العين تفرق" والا "الدنيا سيجارة وكاس ثم اكمل.. يعني بين وبينك يا صاحبي موقفك مش مضون.
لكن الموسيقار لم يترك الجلسة ولا غضب من الكلام وانما ابدي وجهة نظره في خطورة الفن وقدرة الكلمة علي تغيير مجتمع بأكمله استمتعت كثيرا وان اتابع قراءة الحوار بين عملاقين واقرأوا معي رد مصطفي محمود.. يعني لاعب كرة سيقابل ربه بكام جون ولا ملاكم بكام "لوكامية".
كلام والسلام
مصطفي محمود مقتنع بأن هناك فارقاً بين الأقوال والافعال وكانت حجته لو رأيت واحدا يموت هل تسعفه بكلمة بغنوة؟ وظل عبدالوهاب متمسكاً بموقفه.. ويأتي الرد.. يا عبدالغنوة الحلوة بتقبض تمنها في الحال اعجاب وتليفونات وفلوس وبنات وحب وفي الاخرة تقول عايز كمان ما انت اخدت فوري.
لو كان لك صديق له هذه الحكمة.. فاعتبر نفسك من المحظوظين.. اظنك لن تجد حاجة لان تنفث دخان سيجارة فمعه ستخرج همومك نفخات.. وتأتيك التهدئة نغمات ولن تجد وقتا لفراغ او ملل.. فمع من يملكون تلك الملكات دوما هناك ابتكار أفكار.
مصطفي محمود العالم الذي ألف 89 كتابا وأبدع 400 حلقة من برنامج العلم والايمان محرج من مقابلة ربه "بشوية كلام".
ذكرني الامر بالملاكم العالمي محمد علي كلاي في مقابلة تليفزيونية حين سأله المذيع عن مشاريعه في المستقبل فأجاب حان الوقت للاستعداد للقاء الخالق.. وتحقيق رسالته.. بعض أهل الاديان يختلفون أو يتصارعون والله خلقنا لنتوحد ونساعد بعضنا وهي رسالة الدين أن نتجمع.. نساعد بعضنا.. نقدم الخير للآخرين.
كلنا سنموت حقيقة مؤكدة إذا هذه الحياة ليست الغاية.. الهدف الاكبر الجنة.. وأنا اتمني ان أراها وأعيشها وسأتفرغ لكل خير يقودني اليها لذلك فبعد ان اعتزل الملاكمة سأكون في حالة سعي إلي الجنة.
فكرة.. لبكرة
يتفق الناجحون علي الأفكار العظيمة.. وليس اعظم من فكرة الوصول للجنة كثيرا ما كنت اقول لنفسي إنني لم انفذ ما أمر به الله استعصي بعضها علي لكن في المقابل لم ارتكب اثما نهانا عن فعله.
والمسألة ميزان إلا أنه مع تقدم العمر صار الامتحان اصعب والزمن الممنوح للحل اقل.
قد لا تسمح الامكانيات بحلم دار للايتام لكن في الشارع والحي أيتاما يمكن مساعدتهم والمال ليس الوسيلة الوحيدة فتخصيص الوقت للتواجد معهم.. بث المبادئ والمثل فيهم مؤزرتهم في معاناة.. حل مشكلة قد يكون بأهمية الإنفاق عليهم.
بالطبع لا يمكن بناء مسجد او مدرسة او مستشفي.. إلا أن منح القدوة الحسنة درس في الدين وكلمة طيبة هي المعلم.. وزيارة مريض.. والاستغناء عن دواء لا نستعمله كلها شفاء.
ونعود لما بدأنا به.. ورأي الدكتور مصطفي محمود.. نعم لابد من عمل نستعد به للقاء الآخرة.. ولا يمنع من فن راق وكلام طيب.. فنأخذ مسك الختام من رباعيات الخيام.. إن لم أكن اخلصت في طاعتك.. فإنني اطمع في رحمتك وانما يشفع لي انني.. قد عشت لا أشرك في وحدتك.