الوطن
عبد العظيم درويش
أساتذة «النفاق».. و«صرة» دنانير «والى أسوان»..!
بالتأكيد فإنه ليس مجرد «حرف د» وتتبعه «نقطة» يسبق الاسم فى «كارت» للتعريف بشخص من يحمله.. أو «كلمة» تضمها سطور «بيان» كُتب بصورة مُنمقة على جهاز «كمبيوتر» فى مقدمة التعريف بالسيرة الذاتية «C V» ضمن «ملف» متكامل لمن يبحث عن وظيفة أو موقع أعلى مما يشغله.. كما أنها لا تقف عند حدود حروفها المطبوعة على «دعوة» لحضور حفل زفاف الابن أو الابنة فى أى فندق..!

هى فى مضمونها مسئولية تُلزم صاحبها بالخضوع التام لمنظومة متكاملة من «القيم والأخلاق» باعتبارها أعلى درجة علمية يستطيع الإنسان الوصول إليها بعد جهد متواصل من البحث والدراسة لسنوات عدة..!

هى «أمانة» ينقل صاحبها خبراته العلمية والأخلاقية لـ«آلاف» من جيل الشباب -الذين ينتظمون على مقاعد الدراسة فى المدرجات الجامعية 4 سنوات كاملة على الأقل- وهى فترة كافية تماماً لأن يتأثروا بشخصية من يقف أمامهم «أستاذاً جامعياً»..!

السطور السابقة هى مجرد مقدمة ليفهم أستاذان بجامعة أسوان «أهمية الدرجة العلمية» التى يحملانها والمسئولية الأخلاقية التى يجب عليهما أن يتحملاها، خاصة أن أحدهما عميد لكلية الآداب والثانى عميد لكلية دار العلوم.. وليدركا أى «مهزلة أخلاقية» غرسا فيها نفسيهما نفاقاً لـ«اللواء مجدى حجازى» محافظ أسوان ولا أدرى ماذا كانا ينتظران من وراء هذا النفاق الرخيص الذى بسببه وجها إهانة بالغة لشعب أسوان «الطيب»..!

«المهزلة» بدأت قبل أيام أثناء انعقاد مجلس جامعة أسوان فى وجود محافظ الإقليم، إذ لم يجد أستاذان بالجامعة -وكلاهما عميدان لكليتين بنفس الجامعة- ما يساهمان به فى الاجتماع سوى «منافقة المحافظ»، إلا أنهما وقعا فى مأزق أدى بهما للوقوف أمام لجان التحقيق، إذ بدأ الدكتور شكرى القنتيرى عميد كلية الآداب بالجامعة «عزفه» للنفاق بتعبير «الكلاب تعوى والقافلة تسير» ليصف به كل معارضى المحافظ وسط تصفيق أعضاء المجلس، وكلهم بالطبع أساتذة بـ«الجامعة»..!

ولم يكتف «القنتيرى» بذلك، بل تابع وصلة «النفاق» بالمدح فى محافظ أسوان، قائلاً: «نحن نجدد الثقة فيك وسنبعث برسالة للرئيس نفسه لأنك من الرجال المخلصين»، كما لو كان الرئيس السيسى فى انتظار مثل هذا «النفاق الرخيص» ليُبقى على المحافظ فى موقعه دون تغييره فى حركة المحافظين المتوقع صدورها خلال أيام..!

فى ذات اللحظة سارع الدكتور فريد عبدالظاهر، عميد دار العلوم، ليلحق بمنافسه «القنتيرى» عبر وصلة «نفاق مغايرة»، وقال: «يا سيادة المحافظ أذكرك ببيت الشعر: لو كلُّ كلبٍ عوى ألقمتُه حجراً.. لأصبح الصخرُ مثقالاً بدينار».. ليوجه إهانة بالغة هو الآخر لمعارضى المحافظ من مواطنى محافظته!

على ما يبدو فإن مجلس الجامعة لم يكن فى اجتماع لمناقشة كيفية بناء العلاقة بين الجامعة ومجتمع المحافظة لخدمة أبنائها، بل كان فى «ماراثون رخيص» لنفاق صاحب المقام الرفيع بالجلسة ولا أدرى ما إذا كان المحافظ قد شكا خلال حديثه أثناء الاجتماع من معارضيه أم أن «الأستاذين» قد جادا بوصلة النفاق هذه مجاملة، أو أنهما كانا يطمعان فى «صرة دنانير» يلقى بها المحافظ لهما، وأن بقية الحضور من الأساتذة يأملون هم أيضاً -بتصفيقهم- فى نصيب وافر مما سيوزعه المحافظ..!

ولأنه لم يعد فى إمكان أى شخص إخفاء أى حدث يقع أو سر يقال فى ظل هذا التقدم لوسائط الاتصال، فقد تسرب «تسجيل فيديو» لوقائع كل ما جرى فى الاجتماع، ويبدو أن أحداً من الحضور لم تسعفه «سرعة البديهة» ليلحق بـ«سوق النفاق» هو الذى سرب هذا الفيديو لينتقم من الأستاذين اللذين بدآ «أوركسترا النفاق»..!

ويبدو أن حالة الغضب العارم الذى اجتاح أبناء المحافظة إثر تسريب «فيديو الفضيحة» هى التى أجبرت الدكتور أحمد غلاب رئيس الجامعة على اتخاذ قرار بتحويل الأستاذين إلى جهات التحقيق بالجامعة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، علماً بأن رئيس الجامعة كان حاضراً خلال «سوق النفاق» الذى جرى نصبه بجلسة المجلس ولم يحرك ساكناً وهو ما يورطه فى المشاركة بـ«الصمت» على الأقل فى تلك «المهزلة»..!

الأمر لم يقف عند إحالة الأستاذين إلى جهات التحقيق بل إن مكتب الإعلام بالجامعة قد أصدر بياناً جاء فيه: «يتقدم الدكتور أحمد غلاب رئيس جامعة أسوان وقيادات الجامعة بأسمى آيات الحب والتقدير لأهله وأهالى محافظة أسوان الكرام ويعتذر سيادته عما بدر من بعض الأساتذة عمداء بعض الكليات من كلمات خانهم فيها التعبير ودون قصد أثناء ترحيبهم بالسيد اللواء محافظ أسوان خلال انعقاد مجلس الجامعة بتاريخ 27 يونيو 2018، وإن شعب أسوان شريك أساسى للجامعة فى مسيرة التنمية التى تعود بالنفع والخير على الجميع، وإن الجامعة هى جزء أصيل لا يتجزأ من نسيج الشعب الأسوانى الذى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تتم الإساءة إليه أو إهانته»..!

لا أعلم ما إذا كانت لائحة الجزاء بالجامعات تتضمن أى عقوبات على جرائم النفاق أم لا.. ؟! أم أن مجرد الإحالة للتحقيق كافٍ للتهدئة «وعفا الله عما سلف».. وإذا كان الأمر كذلك فكيف لنا أن نأمن لأن يتولى مثل هذين الأستاذين «إكمال تربية شبابنا» وهم فى المرحلة النهائية من نضج شخصياتهم.. وأى قدوة يقدمانها لشبابنا وهم على أبواب الحياة العملية..؟.. وهل أصبح «النفاق» ضمن مناهج الدراسة بجامعة أسوان..؟.. أم أن عميدى الآداب ودار العلوم لم يبخلا على طلابهما بوافر من خبراتهما الأخلاقية والحياتية..؟!

لا يكفى اعتذار مجلس الجامعة رسمياً لشعب أسوان عما لحق به من إهانة من جانب الأستاذين، بل يجب -على الأقل-إبعادهما من التدريس للطلاب.. وإن لم يتحقق ذلك فعلينا أن نكف عن الشكوى من استهتار بعض شبابنا بكل القيم والمثل.. وليهنأ الأستاذان وأمثالهما بـ«صرة الدنانير»..!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف