المصرى اليوم
ايمن الجندى
بخصوص السنة النبوية
تلقيت رسالة كريمة من صديق كريم ينصحنى بألا أقف موقفا من السنة القولية، ثم أُصدّر هذا الموقف لغيرى. فحديث الآحاد- وإن كان ظنىَّ الثبوت- فيُتقرب إلى الله باتباعه، وعلى فرض أنه أخطأ فللمجتهد المخطئ أجر. انتهت النصيحة المحبة المُقدّرة.

■ ■ ■

أود أن أوضح التالى:

أولا- فلنتذكر أولا أن السنة نوعان: قولية وعملية (كحركات الصلاة وشعائر الحج) والعملية لا خلاف فى اتباعها، فقد نقلتها أمة عن أمة.

ثانيا- السنة القولية نوعان: متواتر وآحاد. فأما المتواتر، فنوعان: متواتر باللفظ، وهذا نادر، ومتواتر بالمعنى، وهذا قليل.

ثالثا- معظم السنة القولية (حتى البخارى نفسه) أحاديث آحاد (أى رواه الواحد أو الاثنان من الصحابة).

رابعا- التقسيم السابق (متواتر وآحاد) لا علاقة له بتصحيح الحديث أو تضعيفه. فإثبات صحة نسبة الحديث (سواء كان متواترا أو آحاد) يعتمد على خمس قواعد، ارتضاها علماء الحديث، ثلاثة فى السند (راوٍ واعٍ- تقى ذو ضمير- اطراد هاتين الصفتين فى سلسلة الرواة)، واثنتان فى المتن (عدم الشذوذ، بمعنى ألا يخالف ما هو أوثق، والثانى هو غياب العلة القادحة، وهى الخلل الدقيق الذى يبصره المحققون)، وهذه الشروط كافية جدا، والمهم هو إحسان التطبيق.

خامسا- لست أحمق ليكون لى رأى فى هذه المسألة الدقيقة الخطيرة، لقد كنت ناقلا للعلامة الفقيه محمد أبوزهرة.

سادسا- رأى الشيخ أبوزهرة هو رأى المحققين والثقات من الفقهاء قبل أن ينهمر علينا سيل الدعاة الجدد، فالشيخ أبوزهرة لم يكن مخالفا للجمهور، وإذا بدا فى كلامه غرابة، فهذا ذنب سيل الدعاة الجدد الذين جعلوا حجية الحديث فوق حجية القرآن، إذا تعارضا (محمد حسان مثالا).

سابعا- أبوزهرة مدافع بقوة عن حجية السنة النبوية، ولا عجب، فنصوص القرآن آمرة بطاعة الرسول. لكن الأمانة العلمية ألزمته بتوضيح أن خبر الآحاد يفيد العلم الظنى الراجح، ولا يفيد العلم القطعى، لأن الاتصال بالنبى فيه شبهة. ولهذه الشبهة قالوا إنه يجب العمل به إن لم يعارضه معارض، ولكن لا يؤخذ به فى الاعتقاد، لأن الأمور الاعتقادية لا تبنى على الظن، ولو كان راجحا، وإنما تبنى على الجزم واليقين.

ثامنا- وقد صرح الشيخ أنه- شخصيا- لا يكتفى بالعمل بأحاديث الآحاد، ولكن بالاعتقاد أيضا لغلبة الظن أن النبى قالها، ولكنه لا يكفر من لا ينكرها، كما يفعل المتشنجون.

تاسعا- وفى مؤلفاته رفض أبوزهرة أحاديث صحيحة السند لتعارض المتن مع مبادئ الإسلام كحديث العرينين.

عاشرا- وفى مناقشته لحجية البخارى أكد أن العلماء وجدوا عليه مآخذَ فى المتن والسند، ولكن فضله أنها قليلة، مقارنة بكتب الحديث الأخرى. وبالقطع يوجد بينه وبين القرآن فراغ واسع كالذى بين القطعى المتواتر (القرآن) وبين الظنى الثبوت (الأحاديث).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف