الوفد
مجدى سرحان
الحاظر والمحظور وبينهما النيابة..!!
ما بين جدل مثار حول اتهام رئيس المجلس الأعلى للإعلام بالتغول فى السلطة وإساءة استعمال النفوذ.. واندهاش مستحق حول تصعيد مثير من جانب النائب العام بإصداره قرار إحالة الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا.. تبرز حقيقة أن هناك أزمة فعلية فى المشهد الإعلامي.. أزمة تخص «الحاظر» الذى أصدر قرار حظر النشر فى موضوع ـ وليست قضية ـ ما يثار عن مخالفات مستشفى 57357 .. وتخص أيضا «المحظور» وهو مسألة االمخالفات نفسها التى لم تثبت حقيقتها بعد.. وبينهما «النيابة العامة» وتدخلها العنيف دفاعًا عن سلطاتها القانونية والدستورية ومنعا لما اعتبرته انتهاكا لهذه السلطات.

وهى أزمة يمكننا تجسيدها هنا فى طرح عدة أسئلة ومحاولة الإجابة عليها.. وصولا الى تحديد ملامح وخلفيات وتداعيات ما يحدث.

•• من أين بدأت الأزمة؟

من بين كل المستشفيات والمؤسسات الطبية التى انهال طوال شهر رمضان سيل الإعلانات الفضائية لجمع التبرعات لها .. تماما مثلما يحدث كل عام.. اختص بعض الصحفيين مستشفى 57357 بحملة هجوم شرسة وتشكيك فى «مصارف» هذه التبرعات.. الحملة استندت الى تقارير منسوبة الى جهات رقابية.. ولا نقول جهات تحقيق رسمية.. والفرق معلوم بين هذه وتلك.. وكالمعتاد سرعان ما سرت الاتهامات فى كل وسائل الإعلام .. دون أن تتحرك جهة تحقيق رسمية.. بما فى ذلك النيابة لتصدر قرارا يهدئ العاصفة ويحمى سمعة هذه المؤسسة الطبية الرائدة من النهش.. ما لم تثبت التحقيقات إدانتها.

من هنا استشعر رئيس المجلس الأعلى للإعلام المسئولية.. باعتبار مجلسه هو أعلى السلطات الإعلامية.. وقام بإصدار «القرار الأزمة» بحظر النشر فى «الموضوع».

•• هل أخطأ مكرم محمد أحمد؟

فى اعتقادنا أن هناك خطأ قد وقع بالفعل.. خطأ من «جهة الاستشارة القانونية» التى أفتت لرئيس المجلس بإصدار قرار الحظر.. خطأ فى فهم قانون المجلس واختصاصاته وصلاحياته وأدواته.. وهو ما اتضح بعد ذلك فى رد المجلس على النائب العام واستناده الى مادة قانونية «مبتورة» تعطيه حق منع النشر فى حالة المخالفة.. لكنه لم يذكر ـ عمدًا ـ أن هذه المادة مشروطة بـ «عدم الإخلال باختصاص النيابة العامة».. وهنا ينبغى التأكيد أيضا على أن القانون يخول المجلس هذا منع نشر المعلومات بعد وقوع المخالفة.. وليس قبلها.. أى أن المجلس يقوم بدور «رقابة لاحقة» وليست «رقابة مسبقة».. وعلى ذلك كان ينبغى للمجلس أن يخاطب النيابة من أجل أن تتدخل بالتحقيق.. وتصدر هى القرار.

ومن هنا ارتأى النائب العام وقوع تغول من جانب المجلس على سلطات النيابة واختصاصاتها.. فأصدر بيانه بإنعدام الأثر القانونى لقرار رئيس المجلس.. واعتباره كأن لم يكن.. وزاد على ذلك بقراره إحالة الكاتب مكرم محمد احمد للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة.

•• هل قرار النائب العام صائب؟

من الناحية القانونية.. استخدم النائب العام حقه كاملا.. لكن نرى أنه من ناحية المواءمة السياسية قد جانب قراره الصواب.. وكان يمكنه الاكتفاء بإصدار بيانه الخاص بإنعدام مفعول القرار.. ثم مخاطبة المجلس مباشرة بتجاوزه لحدود صلاحياته.. أما إحالة رئيس المجلس للتحقيق فنراه إساءة بالغة له.. بل إساءة أيضا لهذه المنظومة التى مازالت تخطو أولى خطوات عمرها بعد إلغاء وزارة الإعلام.. ومازالت تغيب عنها الكثير من الخبرات واللوائح التنفيذية التى تفسر مواد قوانينها وتشرح حدود صلاحياتها واختصاصاتها وتمنع تضاربها مع غيرها من جهات الاختصاص.. وهذا ما كنا نأمل أن يراعيه النائب العام.. دون تعجل أو انفعال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف