فى الحديث عن العشوائيات وعدم الانضباط حدث ولا حرج، وهذه الظاهرة لا تعنى فقط عشوائية الشوارع والمبانى وما شابه ذلك، وإنما تعنى أيضًا عشوائية القرارات التى تصدر بمناسبة وبدونها، وكذلك العشوائية فى تنفيذ هذه القرارات، مما فتح الباب على مصراعيه للفساد الذى استشرى بشكل لافت للأنظار فى كل مناحى الحياة. نعم هناك قرارات عشوائية كثيرة صدرت خلال العقود الثلاثة الماضية وضربت بتأثيرات سلبية داخل المجتمع، جعلت المواطن يواجه أزمات متنوعة وكثيرة!
ما معنى أن تقوم الأحياء بالترخيص لمبانٍ عشوائية ترتفع إلى أدوار كثيرة بدون أن تكون هذه العمارات من غير جراجات، حتى تحولت الشوارع بلا استثناء إلى جراج كبير يصعب السير فيه بالسيارات أو حتى على الأقدام، وصُدرت أزمة كبرى للمرور الذي بات غارقًا فيها ولا يجد لها حلًا.. ويتحول الأمر برمته إلى رحلة عذاب يومية للمواطن سواء فى ذهابه أو عودته من وإلى عمله!!.. القرار العشوائى الذى أصدره مسئول بأى حي من الأحياء دون إعمال عقله أو خُلقه تحول إلى كارثة يتحمل نتيجتها المواطن فى نهاية الأمر.
وما معنى أن يكون هناك مثلا جراج أسفل عمارة بفتحة دخول ولا توجد فتحة خروج؟!.. الأمر هو صدور قرار بالموافقة على هذه المخالفة الخطيرة لمسئول فى الحى أو المدينة أو المركز بدون دراسة وبدون ضمير، وصدّر للمجتمع كارثة حقيقية عواقبها كارثية وخطيرة، ولو أن هذا المسئول اتقى الله ووطنه فى القرار الذى أصدره ما وجدنا مثل هذه الكوارث التى تضرب المجتمع فى مقتل لأن الأمر لا يتعدى فقط صاحب المصلحة المخالف فحسب وإنما تم تصدير أزمة خطيرة إلى المجتمع يتضرر فيها جميع أفراده بلا استثناء.
هذا الجراج المخالف لا قدر الله لو اندلع به حريق فماذا تفعل أجهزة الإطفاء المختصة التى ستقوم بالتعامل مع هذا الحريق؟!.. الحقيقة أن الحريق سيقضى على كل شيء، وتقف الأجهزة عاجزة عن التعامل مع هذه الكارثة.. وقد حدث ويحدث هذا يوميًا، ويقف أيضًا هذا المسئول الذى أصدر الموافقة على تقنين مخالفة متفرجًا والنار تأكل الجراحات مثلًا، وهكذا فى كل الأمور، فالقرارات العشوائية التى يصدرها المسئولون لا تسبب عشوائيات فحسب وإنما تصدر مخالفات تكون نتائجها كارثية فى شتى الأمور.
فى مصر الحديثة التى نسعى جميعًا إلى تأسيس دعائمها، لا يجوز بأى حال من الأحوال أن تكون هناك عشوائية فى القرارات، بل يجب أن يتخلص المجتمع من هذه الآفة الخطيرة التى تصدر كوارث، ولا يمكن النهوض بالمجتمع إلى الأفضل والأحسن فى ظل هذه القرارات العشوائية. ولذلك فإن الأمر يحتاج إلى ثورة ضد فساد القرارات العشوائية التى تسببت فى العديد من الكوارث خلال الفترة الزمنية الماضية ولا نزال نتجرع ويلاتها حتى الآن.
وللحديث بقية
رئيس حزب الوفد