المصرى اليوم
ايمن الجندى
فى رَضَاع الكبير كلهم خذلونى!
كنت فى منتهى الغم حين أعاد د. خالد منتصر التذكير فى صفحته الشخصية بـ«فيسبوك» برضاع الكبير، ناشرا تساؤل فتاة: هل من المعقول أن يحرّم الإسلام مصافحة الرجال، فى الوقت الذى يبيح فيه التقام الكبير ثدى المرأة لترضعه، فتصير بذلك الرضاع محرمة عليه؟!
التساؤل منطقى، ويثير الحزن على ما فعله الفقهاء بدين التوحيد، ولكنه أتاح فرصة مواتية لكل حاقد موتور كى يسخر من الإسلام. والأسوأ أنه نشر فيديو للحوينى، وهو يدافع باستماتة أن المقصود بالإرضاع التقام الثدى، بعد أن حاول بعض الشيوخ التخفيف من هول القصة بافتراض أن المقصود بالرضاع هو أن تعصر المرأة ثديها، ثم ترسل اللبن فى كوب. الحوينى صال وجال دفاعا عن التقام الثدى، وكأنه يدافع عن أصل الإسلام.

سقط الحزن فى قلبى، فرحت أبحث عن رأى الفقهاء قديما وحديثا، وللأسف لم أجد فقهيا واحدا ينزه الرسول قائلا إن القصة بأسرها مختلقة. حتى عدنان إبراهيم خذلنى هو الآخر. لقد قبل القصة، واعتبرها قابلة للتطبيق إذا توافرت شروطها.

«والقصة أن سالم مولى أبى حذيفة، حين أدرك البلوغ جاءت زوجته إلى النبى فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالم ولدا، وكان يدخل علىّ، والآن صرت أرى الكراهة فى وجه أبى حذيفة، فقال لها: أرضعيه خمس رضعات، فيحرم عليكِ».

تؤكد القصة أن السيدة عائشة أخذت بها، فكانت تأمر أختها وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال. بينما أبى سائر أزواج النبى (صلى الله عليه وسلم) تطبيق ذلك.

انتهيت من البحث، وقد أظلمت الدنيا فى وجهى. الحديث آحاد، ولمجرد أن «مسلم» خرّج الحديث فى صحيحه يقبلونه على النبى الذى كان من فرط حيائه كالعذراء فى خدرها!

هل تدخل هذه القصة العقل، والعرب على ما هم عليه من فطرة النخوة؟

وهل تصادف أن تكون زوجة حذيفة مرضعا كى ترضع «سالم»؟

ثم بالله عليكم، أليست شروط صحة الحديث خمسة: ثلاثة فى الإسناد واثنان فى المتن؟

أنا لن أتكلم عن الإسناد، لأنى لا أعرفه. ولكن ماذا عن شرطى المتن؟ ألّا يخالف ما هو أوثق، وألا تكون به علة قادحة.

أليس القرآن العظيم أوثق من أحاديث الآحاد؟

ألم يقل- عز من قائل-: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ». صدق الله العظيم وكذب الرواة. وكأنه سبحانه أنزلها ليرد الافتراء على نبيه المصطفى؟

ألم يُبعث الرسول ليتمم مكارم الأخلاق؟

ألم يقل- سبحانه- «وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ»؟

فهل من العرف أن تكشف المرأة عن ثديها حتى لابنها بعد أن كبر؟

وهل يقبل أحدكم أن تكشف زوجته أو أمه أو أخته أو ابنته ثديها لرجل غريب؟

عيب!

القصة كلها مختلقة ومفتراة على النبى، فأين ذهبت عقول الفقهاء؟!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف