محمود سلطان
لماذا يكره الإخوان المسلمون الشيخ الشعراوي؟!
لماذا يكره الإخوان المسلمون الشيخ الشعراوي؟!.. لم أجد إجابة لهذا السؤال، حتى قرأت بعض ما ورد في كتاب "الشعراوي الذي لا نعرفه" صدر عن أخبار اليوم عام 1995، للأستاذ سعيد أبو العينين.
الكتاب صدر قبل وفاة الشعراوي بأربع سنوات (توفي في 17 إبريل عام 1998)، أي أنه صدر في حياته، ما يعزز من صدقية محتواه، وصحة ما نسبه الكاتب إليه، رحمه الله تعالى.
الشعراوي بدأ "وفديًا" ثم انضم إلى الإخوان المسلمين، وبحسب الكتاب فإنه، اعترف أنه كتب بخط يده أول منشور تصدره الجماعة، أرسل بعدها للشيخ الباقوري الذي أثني عليه واعتمده لتوزيعه على أعضائها، وعلى الناس وعلى طلاب الجامعات.
في عام 1938، قرر الشعراوي الانشقاق عن الجماعة، وذكر في الكتاب المشار إليه فيما تقدم أسباب خلافه وتركه للتنظيم.. عندما عاتبه البنا بغضب شديد، على مشاركته في احتفالية للوفد، ألقى فيها الشعراوي قصيدة ثناء ومديح في النحاس باشا، وليكتشف عندها، أن الإخوان لا يغضبون لله ولا للوطن.. وإنما للجماعة وللتنظيم.. وسمع بأذنه في جلسة حضرها الشعراوي وحسن البنا ومجموعة مصطفاة من الجماعة، سبب غضبهم منه، والتي كانت صادمة بالنسبة له. عندما جاهر أحدهم أمامه بأنهم يكرهون النحاس باشا لأنه "زعيم الأغلبية" التي تنافسهم على الجماهيرية والشعبية، "وأما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنحن "نبصق" عليها جميعًا فتنطفئ وتنتهي!" صـ69.
خرج الشعراوي من الجلسة مصدومًا وقرر بعدها أن يتطهر من هذه الجماعة وقال معلقًا: "عرفت ليلتها النوايا.. وأن المسألة ليست مسألة دعوة.. وجماعة دينية.. وإنما هي سياسية.. وأقلية وأغلبية.. وطموح للحكم".
وبعدها يسرد الشيخ الشعراوي كيف تحوّلت الجماعة إلى مراكز قوى، حتى ضد البنا نفسه، وكيف أنه شاهد بأم عينيه عبد الرحمن السندي ـ قائد الجناح العسكري بالتنظيم ومسئول الاغتيالات في مصر ـ وهو "يزق" البنا ويكاد يوقعه على الأرض.. لولا أن تساند البنا على من يقفون حوله.
ظلت هذه الكراهية الإخوانية للشعراوي "مقموعة" في ضمائرهم العدوانية، طوال سنوات السجون والمعتقلات في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. وبعد إطلاق سراحهم في عهد السادات، وإحساسهم بتسامح الدولة معهم في تلك الفترة، قرروا تصفية حساباتهم معه.. وظل غلاف مجلة الدعوة الناطقة باسمهم تتصدر غلافها على مدى عدة أعداد، صورة للشعراوي وهو يمسك بالسيجارة.. لإهانته وللتشهير به وللإساءة إليه بين جمهوره ومحبيه.