الأسرة لها مكانة رفيعة في الإسلام وقد جاءت الآية الكريمة في سورة الروم تحمل المعاني الجليلة "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" هذه المودة وتلك الرحمة هي السياج المتين لوقاية البيت المسلم من أية عواصف قد تزعزع كيان الأسرة المسلمة. وقد كان الإسلام حريصاً علي أن يغرس الإيمان في نفس الزوجية لكي تظل السعادة ترفرف علي البيت السعيد. وقد نبه الرسول صلي الله عليه وسلم إلي اختيار ذات الذين لتكون زوجة كما نبه أيضاً إلي اختيار الزوج المؤمن ليكون زوجاً لابنة الأسرة المؤمنة.
في ظلال هذه القيم كان الإيمان وأنواره يبعث الدفء في بيت المسلم.. ويجدر بنا في هذا المقام أن نضع أمام ذوي الألباب نموذجين لعله يكون نبراساً تهتدي به أجيال هذه الأيام خاصة أن الساحة تموج بالكثير من الأهواء والتيارات التي تلوح للشباب بأن التقدم يكمن في التيارات الوافدة من الخارج. فهاهي امرأة تزوجت من رجل بسيط يمتهن جمع الحطب من الصحراء. وهي كذلك امرأة مؤمنة عاشت في عصر النبوة وتقديراً لهذه الزوجة ووفائها لزوجها الحطاب وقد أعلن الرسول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أن زوجة الحطاب في الجنة. وسري بين الناس جدال وأحاديث وماذا فعلت هذه الزوجة حتي نالت هذه الدرجة الرفيعة؟ وقد جاءت كلمات الزوجة المؤمنة لتلقي اجابات شافية لكل التساؤلات التي تتردد علي ألسنة الناس تعبر الزوجة عن مهمتها في البيت: تقول إن زوجي الحطاب يقوم بجمع الحطب ثم يبيع ما جمعه ويشتري لنا مانحتاجه. وأنا اشعر بمدي ما يعانيه زوجي. وبمجرد عودته إلي البيت أعد له الماء البارد ثم أقدمه له. وقد قمت بتنسيق البيت ليضفي جواً من البهجة لكي يشعر الزوج بالراحة. ليس هذا فحسب وإنما انتظره في أحسن ثياب وعند دخوله من باب البيت استقبله كما تستقبل المرأة عريسها. فإن يخلد إلي الراحة أعنته وإن أراد في كنت المطيعة لأوامره كيفما يريد أهيم بالود والمحبة لزوج يفني حياته مؤمناً متوكلاً علي الله. لكل ذلك استحقت هذه الزوجة البشري التي زفها إليها رسول الله صلي الله عليه وسلم وذلك وفقاً لما جاء بتصرف في كتاب عبدالمتعال الجبري.
النموذج الثاني هي أسماء بنت يزيد بن السكن الانصارية توجهت إلي مجلس الرسول صلي الله عليه وسلم وألقت علي مسامع الجميع تساؤلاً قالت: يا رسول الله: إن ورائي مجموعة من النساء يتردد في في صدورهن تساؤل كما يدور في صدري وتساؤل أسماء يتضمن أن الله بعثك يا رسول الله للرجال والنساء فأطعناك مؤمنات برسالتك لكننا قواعد في البيوت موضع استمتاع للرجال وهؤلاء الرجال امتازوا بفضائل يشهدون الجمع واتباع الجنائز والجهاد. حتي إذا خرج الأزواج في سبيل الله كن حافظات لأولادهم وأموالهم فهل لنا من أجر نشاركهم فيما يحصلون من رب العباد. وهنا التفت الرسول صلي الله عليه وسلم لأصحابه مسروراً بما طرحته الزوجة من تساؤل قال: هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟ فقال الحاضرون: بلي يا رسول الله. ثم توجه إلي أسماء وقال لها.. انصرفي وأعلمي من ورائك من النساء أن حسن تبعل احداكن لزوجها وطلبها لمرضاته واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال.. بعد أن استمعت لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم انصرفت والفرح والسرور يبدو علي وجهها. فقد حدد صلي الله عليه وسلم لأسماء معالم البيت المسلم. ووظيفة المرأة المسلمة.. ولا شك أن نور الإيمان حينما يستقر في قلب الزوجين ترفرف السعادة علي البيت وينشأ الأطفال في ظلال المودة والمحبة.. وأهل الإيمان دائماً نماذج وقدوة للآخرين.