الأخبار
يسرى الفخرانى
فنجان قهوة ‎دَهشـــة مؤقتـــة
‎من الأشياء المؤلمة أن يعيد لك الفيس بوك من الذاكرة عبارة منقولة من صفحة صديق.. لم يعد موجوداً بيننا. رحل وترك لنا صورًا وعبارات تطل من وقت إلي آخر وقد كتب عليها تاريخ نشرها القديم.
‎تبدو صفحات الراحلين مثل فيلم دون لوحة نهاية متوقعة، أغلب الصفحات كتب أصحابها كلمات عن الحب والأمل والحياة قبل رحيلهم بساعات أو دقائق ، دائما يفعلونها ثم يفاجئونك بخبر الانتقال إلي عالم آخر يطلون علينا من هناك.
‎مؤلم جدا أن يكون بينك وبين صديق حوار خفي في الصندوق السري للبريد، يطلب منك رجاء أو يذكرك بوعد قديم أو يتمني لقاء في موعد قريب، وغالبا ردودنا تكون خاطفة علي قدر الرسالة القصيرة للغاية التي تعني أن العمر طويل والفرص كثيرة فلماذا نتعجل التنفيذ؟
‎لا نتعلم، يختفي صاحب الرسالة، يترك خلفه عبارات حزينة تنعي غيابه المفاجئ.. لكننا ننسي بسرعة الدرس الذي جاء ليقوله لنا ألا ننسي!
‎بعد سنوات سنتحول جميعا إلي صفحات تحمل أسماءنا صورنا ذكرياتنا ذاكرتنا.. لكنها من دوننا، لا يوجد من يدون عليها الأحداث والحوادث اليومية، سوف تصبح مثل غابة من الأشجار التي لا تجد من يقلم أوراقها أو يمنحها قطرات ماء قليلة لتحيا. كنا هنا منذ قليل.. نكتب خواطر أو أمنيات أو آراء أو رسائل إلي الحياة، الآن.. لم نعد نملك أن نضيف حرفًا إلي الصفحة أو نغير صورة شخصية تحمل ملامحنا.
‎كم هو محير أمر صفحات الفيس بوك حين تفقد من يعرف مفتاح الدخول إليها.. تصور هذا العالم الافتراضي حين يصبح صوراً وأسماء بلا كيبورد يكتب ويصحح ويملأ الصفحات بشخصيات أصحابها.
‎لا أعرف إن كانت الذاكرة التي تعيد لنا مقاطع من صفحات أصدقاء رحلوا تحمل لنا من الأسي ما يكفي للحزن.. أم أنها تحمل بهجة استثنائية ودهَشة مؤقتة نظن بها للحظات أنهم ما زالوا هنا.. هنا.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف