الأخبار
جلال عارف
في الصميم - نور العلم .. وخسوف القمر !!
ابنتي الشابة كانت أكثر إصرارا مني علي متابعة ظاهرة خسوف القمر الكلي النادرة الحدوث. لم تكن وحدها في هذا الاهتمام. لاحظت أن الشباب كان الأكثر اهتماما بالظاهرة والأكثر إلماما بالجوانب العلمية لها، حتي ولو كانت بعيدة عن مجال دراسته أو تخصصه .
لعل ذلك يكون »بشرة خير»‬ في اعتدال الموازين عندنا. فنحن منذ سنوات، ومع تدهور أحوال التعليم، نري توجها من شبابنا إلي أقسام »‬الأدبي» في الثانوي، وإلي الكليات النظرية بعد ذلك. وكان ذلك أحد مظاهر تدهور الاهتمام بالعلم بصورة عامة، وفي كافة المجالات .
علي زماننا.. كان الاقبال علي »‬العلمي» هو الأصل عند طلاب الثانوي. وارتفع مقام كليات الهندسة ثم التجارة بجانب الطب والعلوم. كانت حركة التصنيع في أوجها وكانت في حاجة للخبرات الهندسية ثم المحاسبية التي آلت إليها إدارة المؤسسات الكبيرة بعد ذلك.
كان التعليم جيداً، وكان العلم سيداً، وكانت حالة النهضة التي أعطتنا أعظم طبقة وسطي في تاريخنا، وأهم العلماء في كافة المجالات، وكفاءات في الإدارة استطاعت - في أصعب الظروف - أن تسير بالمجتمع خطوات هائلة في طريق النهوض .
ثم كان ما كان، وتضافرت كل العوامل السلبية لكي تؤدي إلي محنة التعليم، وإلي تدهور الكفاءة، وإلي تراجع العلم في زمن سادت فيه قيم الفهلوة والسمسرة وثقافة »‬عذاب القبر» وتكفير الجميع !!
الآن.. ونحن نخطط لاصلاح شامل للتعليم، ينبغي أن نعي جميعا »‬مسئولين ومواطنين» أن النجاح هنا لا تنحصر أسبابه داخل المدارس والجامعات، وإنما جزء كبير من النجاح يرتبط بخلق البيئة الحاضنة والتي تعتمد علي مجتمع يحترم العلم، ويدعم البحث العلمي، ويجعل السيادة للعقل الذي يفكر ويبدع وينشر العمران ويزرع الحضارة والتقدم، ويبني الدولة التي تستحقها مصر وتملك كل مقومات بنائها .
قد يبدو الأمر صعباً. لكن مصر علمتنا أنها ما أن تخطو الخطوة الأولي علي الطريق الصحيح، حتي تنطلق وتقهر كل التحديات .

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف