لحظة صدق
بناء الإنسان المصري من أهم التحديات التي تواجه المجتمع هذه الأيام ولذلك تابعت بكل الأمل المؤتمر السادس للشباب الذي يعقد دورة تاريخية هذه المرة في مكان تاريخي أيضا، وشاهدت بكل فخر الفيلم التسجيلي أهل العلم والذي يضم شخصيات مصرية أثرت في تاريخنا منذ 100 عام وكيف كان المصري دائما سباقا لعصره.. وأتوقع لنتائج المؤتمر أن تحمل بصمة الخلود التي يضفيها مكان انعقاده وهو قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة ويضفيها زمانه لكونه أول مؤتمر في الفترة الرئاسية الثانية ويركز علي بناء الإنسان، فبناء الانسان هو الأساس وهوالنواة لبناء البلد خاصة فالشباب هم العمود الفقري للتقدم وهم أهم ركائز المستقبل خاصة أننا أهملنا العقول كثيرا وتركناها تغادر وتبحث عن فرصتها وتبدع في دول أخري.. عدد زائري موقع اسأل الرئيس وصل لحوالي 2 مليون زائر في أيام قليلة، كما تلقي أكثر من 600 ألف سؤال..ولأول مرة يشهد المؤتمر الوطني للشباب حضورا تجاوز الـ 3000 مدعو، وهو ما يجعله المؤتمر الوطني الأكبر من حيث عدد الحضور..وأغلب المشاركين من الشباب والأساتذة، من ُمختلَف الجامعات، الحكومية والخاصة، من جميع محافظات مصر، بالإضافة إلي شباب الأحزاب السياسية، وأوائل الثانوية العامة، وأوائل التعليم الفني، إلي جانب نخبة من رجال الدولة المصرية، والشخصيات العامة، والبرلمان.
وقد تابعت أمس الندوات وورش العمل وجدتها تدور حول محور واحد حدده الرئيس وهو استراتيجية بناء الإنسان المصري.
وبصرف النظرعن المجالات العديدة التي تتطرق إليها أسئلة الشباب كعادتهم مع الرئيس بلا حواجز أو خوف أو حدود، وقد بدت تباشيرالتميز أمس حين تابعت عناوين القضايا التي أثيرت في اليوم الأول ووجدتها غطت أبرز القضايا والموضوعات والملفات المهمة المطروحة علي أجندة الدولة المصرية، والتي تشغل بال المواطنين وتحتل حيزا مهما من اهتماماتهم.
وقد شعرت بالأمل وقلت من هنا نبدأ، حين قرأت استعراضا لجهود الدولة بمختلَف قطاعاتها في الثقافة، الاعلام وحرية التعبير ونشر المعلومات، وقد أشار البعض إلي تجارب من حولنا بدأت نموها بالتركيز علي بناء الإنسان منها تجربة ماليزيا ورغم احترامي لهذه التجربة وتقديري للمناضل الدكتور مهاتير محمد إلا أنني أري أن تجربتنا لها طبيعة خاصة تستمد جذورها من الماضي وتتوفر لها أسس النجاح في الحاضر
فلأول مرة لدينا منظومة تعليمية جديدة تتكامل محاورها فتبدأ من التعليم في الحضانة والمدرسة الابتدائية وتنتهي بالثانوية العامة وتركز علي التقنيات الحديثة والتكنولوجيا الرقمية في جميع مراحل التعليم وأتمني ألا تشغلنا التجارب من حولنا لأن لنا طبيعة فريدة وميزة وفرت لمصر التجانس الديموجرافي والديني بعد أن أحبطت ثورة 30 يونيو محاولات جرنا إلي مستنقع الطائفية،بعد ما فعلته بنا 25 يناير من انتكاسة كبيرة ظهرت في السنوات الماضية أدت لظواهر كثيرة مثل التكاسل والعشوائية والفوضي وهي أمراض أصابت البناء الانسان المصري..المهمة صعبة جدا والمفروض أن نبدأ من الأسرة والتعليم.. ولهذا أشعر بالأمل من نتائج مؤتمر بناء الإنسان وأن يسفر عن توصيات تجسد حالة الانصهار والتفاعل بين رؤية أصحاب الشأن في تقرير مصير المستقبل وهم الشباب، وبين المسئولين في كيفية بناء الإنسان المصري مجتمعيا وثقافيا وصحيا ورياضيا وتعليميا، خاصة وقد اعتدنا في المؤتمرات السابقة اعتدنا أن تشهد حضورا فعالا وقويا من جانب الشباب، خاصة طلاب الجامعات المصرية، وتنطلق أسئلتهم وأطروحاتهم بلا شطآن أو حدود، والتي تعكس مدي إدراكهم للواقع، وإلمامهم بالمتغيرات والأحداث الهامة الجارية علي الساحة، الداخلية والإقليمية والدولية
بقيت نقطة تزيد جرعة الأمل مرتبطة بالمكان وهو قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة، اختيار الرئيس عبد الناصر هذه القاعة منطلقا للاحتفال بعيد العلم قبل أكثر من نصف قرن لتكريم العطاء العلمي والنابغين في مختلف الميادين لا يختلف عن اختيار الرئيس السيسي لهذه القاعة منطلقا لأول لقاء مع الشباب في بداية فترته الرئاسية الثانية الذي وعد فيه بوضع بناء الإنسان المصري علي رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة يقينا منه بأن كنز أمتنا الحقيقي هو الإنسان والذي يجب أن يتم بناؤه علي أساس متكامل بدنيا وعقليا وثقافيا بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد ليتبوأ أبناؤنا المكانة التي يستحقونها بين الأمم وأن نري زويل جديدا ونبوية موسي وفاروق الباز ونجيب محفوظ ومئات بل آلاف من أبنائنا يغيرون مجري التاريخ ويعيدون رسم خريطة المستقبل