الأرقام الفلكية التي وصلت إليها أسعار الحج هذا العام شئ يستحق أن نقف أمامه لتحليله ودراسته سواء من أسعار البرامج التي تنظمها جهات الحج الثلاث المنوط بها تنظيمه وهي القرعة والسياحة والجمعيات أو في أسعار تذاكر الطيران والبر الذي كان حج الغلابة قبل أن يتوغل هو الآخر في سعره، علي مدي سنوات وسنوات نادينا ومن خلال مشاهدات علي الطبيعة لتجارب دول أخري كسنغافورة واندونيسيا وحتي الفلبين من أقصي الشرق بضرورة دراسة تلك النماذج فيما تقدمه للحاج من خدمات وبأسعار لا تقبل المنافسة لانها تتم عن طريق المشاركة من الجميع في رحلة العمر الواحدة التي كتبها الله فرضا علي كل مسلم ومسلمة قادرين، هناك تنظم ذلك جهة إدارة واحدة تختص بتنظيم كل شيء بداية من الاعداد للرحلة ومرورا بتنظيم المعسكرات ثم أداء المناسك من قبل الحاج دون ان يعول هم أي شيء يمنعه من التفرغ للفريضة الكبري سواء من تنقلات أو من مأكل وملبس بل وحتي نظافة المعسكرات يتولاها أناس هم أقرب للتطوع والخدمة منه للعمل، ولو قدر لك أن تدخل معسكرا من تلك المعسكرات ستجد قمة النظافة كل مجموعة لها رئيس وقائد يتولي توجيهها ولون يميزها عن غيرها من المجموعات المشتركة داخل المعسكر في مشهد رائع وجلال يتناسب مع عظمة الحج ومناسكه الطويلة الصعبة. أما عن الأسعار فهي اشتراكات يتم جمعها من الحاج علي مدي سنوات عمره باقتطاع جزء يخصص من راتبه علي مدي سنوات طويلة يخير خلالها الشخص بعد فترة بالذهاب للحج حسب رغبته والميعاد التي يرغبه وهنا يتم حساب المصاريف التي لا تحقق أية أرباح وإنما تقدر بقيمة الخدمات التي يتلقاها كل حاج وبلا أي امتيازات فرحلة الحج هي رحلة واحدة الجميع فيها سواء أمام الله سبحانه وتعالي بلا تجارة ولا مكسب اللهم إلا جزاء الخدمة، طالبت وطالب غيري وطالب القليل من رؤساء بعض البعثات الرسمية بضرورة وضع ودراسة تجارب الدول التي تنظم الحج جماعة ولكن يبدو ان هناك جهات تستفيد من بقاء الوضع علي ما هو عليه لسوق العرض والطلب الذي لا نراه إلا عندنا فقط فلو عرفنا أن من يؤجرون المساكن في السعودية يتفاوضون مع الجماعة أفضل من التفاوض مع الفرد لعرفنا لماذا يغالون في أسعارهم معنا وبالتالي ترتفع أسعار الرحلات والخدمات بشكل كبير يحصلون علي نصفها لو ذهبوا مجتمعين للتفاوض علي التأجير أو حجز مساكن الحجاج أو أماكن إقامتهم في المشاعر المقدسة أو تنقلاتهم.
كذلك أسعار تذاكر الطائرات التي صارت بالأمانة صداعا في رأس كل حاج فلا يعقل أن تصل التذكرة إلي ما يقارب الـ 20 ألف جنيه في رحلة لا تستغرق إلا ساعة ونصف الساعة تقريبا سواء إلي جدة أو المدينة بحجة أن الطائرات والرحلات التي تحتكرها شركة واحدة تذهب ممتلئة وتعود فارغة مما يكلفها ثمن الوقود بلا ركاب في الوقت الذي تبيع فيه شركات أخري تذاكرها بربع الثمن تقريبا وتقبل الحجاج وهناك زحاما عليها عاما بعد عام والغريب ان الشركة المحتكرة لا تعير الأمر اهتماما ولا منظمي الرحلات لأنهم ببساطة يضمنون ان جهات الدولة الثلاث المنظمة لا يمكنها ان تنظم الرحلات إلا عن طريقها لـ 86 ألفاً أو أكثر من حصة مصر وتكشف ذلك أسعار التذاكر علي الرحلات الأخري الذين يحصلون علي التأشيرات المباشرة أو المجاملة.
إذا لم ندرس تجارب الآخرين فلا أمل في إصلاح منظومة الحج تسافر البعثات كل عام وليس في عقلها إلا أن تعود لتكتب كله تمام البعثة الفلانية أدت ما عليها والاخري أجادت والثالثة كانت عند حسن الظن والغلبان الوحيد الذي يتحمل كل شيء هو الحاج الفقير الذي لديه استعدادات ببيع ما لديه لأداء الفريضة وحج بيت الله وهناك من لا يرحمه حتي ولو باع هدومه.. التجارب سبق وعرضت علي مجلس الوزراء ووعد بدراستها واتخاذ الرأي عن طريق اللجنة العليا للحج وإنشاء لجنة مستقلة تتولي تنظيم شئونه بعيدا عن إجراءات الدولة ولكن شيئا لم يحدث.. ولعل المانع خيرا ولكن ليعلم الجميع أن الله سيحاسبنا علي تقصيرنا في حق زواره.