جلال دويدار
خواطر - للشباب: «العمل عبادة ومستقبل»
يتساءلون عن السر وراء النهضة الاقتصادية والاجتماعية لدول جنوب شرق آسيا وفي مقدمتها الصين؟ الاجابة عن هذا التساؤل ببساطة وبلا فلسفة ولا تعقيدات.. هو أن هذا السر يتركز في نجاح هذه الدول في غرس ثقافة العمل بين جموع الشعب خاصة الشباب.
إنهم آمنوا بكل نظريات الأداء والسلوك الاقتصادي بعيدا عن اللف والدوران. لا مجال للنجاح في تحقيق الأهداف بوقوع الناس فريسة لحالة من التوهان وسط الشعارات والعبارات التي يستعصي الاخذ بمدلولها. لا يخفي علي أحد معني ومضمون السلوك الصحيح لهذا الطريق وفقا لجوهر معاني النظريات العلمية الرأسمالية والاشتراكية وتتفق علي أن »من لا يعمل لا يأكل». علي هذا الاساس سلكت هذه الدول بايمان شعوبها هذا الطريق بعزيمة وإرادة وهو ما قادها الي النهوض والتقدم.
حول هذا الشأن يأتي انعقاد مؤتمر الشباب الذي دعا اليه الرئيس عبدالفتاح السيسي والذي أصبح تقليداً سنوياً حميداً منذ توليه مقاليد السلطة. انه يحاول بشفافية المصارحة ان يبين لشباب مصر معالم الطريق الذي يقودهم لتحقيق الآمال والطموحات. جاء ذلك ادراكا وايمانا بأهمية دور الشباب في تحقيق تقدم وازدهار مصر التي غالبية سكانها من الشباب.
ان اهم ما يجب الالتزام به لتنشيط دور هذا الشباب للانطلاق بهذه الدولة هو تضافر كافة الجهود من اجل تغيير المفاهيم والثقافات الموروثة. لابد من ان تقوم هذه الثقافة علي المبادئ الدينية والقيم المتأصلة القائمة علي أن »العمل عبادة ومستقبل».
هذه الكلمات لا تدخل ضمن الشعارات ولكنها الحقيقة والواقع الذي اخذت به هذه الدول التي كانت قبلنا نهوضا وتقدما وأصبحت تسبقنا بمعدلات عالية. ان الفرد في هذه الدول وبإيمانه بهذه المبادئ والقيم هو دينامو كل ما تحقق من انجازات. انه استطاع الوصول إلي احلامه وآماله بالعمل بدون كلل في كل المجالات وفي كل المهن. لا هدف له من وراء ذلك سوي كسب لقمة عيش شريفة وكريمة الي جانب المساهمة الفاعلة في دعم الخطط الموضوعة للتنمية والنهوض بالوطن.
ان الثورة التعليمية التي تحدث عنها الرئيس السيسي امام الشباب وحدد اهدافها.. لابد ان تُركز علي بناء الانسان المصري المؤمن بالعمل باعتباره عبادة ومستقبلا. لا يجب ان تكون مهمة المدارس والجامعات تخريج مئات الآلاف لمنحهم بعد ذلك ورقة تحمل اسم الخريج لا تتضمن تأهيلا نفسيا ولا مهنيا لاقتحام معترك الحياة. لا يجب وفي اطار خطة بناء الانسان المصري ان يكون عمل أي شاب مرهونا بشروط تتفق والواقع. لابد ان يكون اقباله علي العمل متجردا من الأوهام ومتسما بالعزيمة والارادة.
النتيجة المحققة لهذه السياسة الخاطئة هي سعي أولياء الأمور والشباب للحصول علي هذه الورقة باعتبار ان مسيرة الحياة والمستقبل تعتمد علي ما سوف تنعم به السماء عليهم. ساهم هذا السلوك السلبي في ترسيخ مخاصمة المجتمع لفكر قدسية العمل.. أي عمل. ان أي شاب يمكنه بالعرق والاجتهاد في ممارسته لأي عمل أن يصبح شخصية مرموقة يشار إليها بالبنان. ان هذا المجتمع - للأسف - لا يهتم ولا يتابع مسيرة النماذج الناجحة التي حققت انجازات هائلة مادية واجتماعية أسهمت في رفعة أوطانها.
الحقيقة ان الدولة لا تألو جهدا في المساعدة علي شق هذا الطريق للشباب. ما قامت به الدولة يتمثل في تخصيص مليارات الجنيهات لتشجيع وتحفيز تأسيس المشروعات الصغيرة التي يستطيعون من خلالها ابراز مواهبهم وامكاناتهم. انجاح هذه التوجيهات يحتاج الي جدية تبني الدولة والشعب لهذه الثورة التعليمية التي يجب ان تصاحبها ثورة مجتمعية.. اذا تحقق ذلك فإن الطريق يصبح مفتوحا لبناء مصر الجديدة.