الأخبار
كرم جبر
جامعة القاهرة مسك الختام
اختيار جامعة القاهرة لعقد المؤتمر السادس للشباب، يستكمل منظومة الأماكن الثلاثة العبقرية، التي تهيئ شباب الأمة للمستقبل، وتفتح في وجوههم أبواب الأمل والحياة.. وخلال الأسبوع الماضي حضرنا احتفالات التخرج لطلبة كلية الشرطة، في مقر الكلية الرائع بالتجمع الخامس، وبعده بيوم واحد حفل تخرج الكليات العسكرية بمقر الكلية الحربية بمصر الجديدة، ذلك المبني التاريخي العظيم، الذي خلد الرئيس جمال عبد الناصر، وتخرج منه ضباط مصر العظام، الذين دافعوا عن الوطن، وكانوا حصن أمان ضد أي معتد.
جامعة القاهرة استردت شبابها، وعادت روعتها ورونقها، وظهرت قاعة الاجتماعات الكبري أروع من يوم افتتاحها لأول مرة، فقد حضرت فيها اجتماعاً منذ عام تقريباً، وكانت تعاني الشيخوخة وعدم التجديد، أما الآن فقد تم تحديث كل شيء فيها، الجدران والقبة السماوية التي هي أروع من أي شبيه لها في العالم، والكراسي صغيرة الحجم ولكنها مريحة جداً، والمسرح الرائع، والتكييف »الثلج»‬ في يوم حار جداً وأكثر رطوبة.
اليوم من أوله كان رائعاً، يزينه ثلاثة آلاف شاب من مختلف الجامعات المصرية، وعدد كبير من الوزراء والأساتذة والشخصيات العامة، والقاعة الرئيسية كاملة العدد، وازداد دفء الحضور بجدية المناقشات، وكثير من الأفكار التي لا تخرج إلا من الشباب، بعقولهم الباحثة عن المستقبل، وإقبالهم علي الحياة وتسلحهم بالأمل.
المؤتمر في حد ذاته علامة مميزة ورسائل متعددة:
أولاً: إصرار الرئيس علي انتظام عقد المؤتمر وحضور جلساته، يعكس فلسفته في تهيئة الشباب لتولي المسئولية، بعد تسليحهم بالوعي والخبرة والعلم، فالوطن لن يكون آمناً إذا لم يسلم مناصبه الكبري للشباب، ولا يتركها رهينة للتجمد والتصلب، وفي القاعة الكبري وزراء ومسئولون وكتاب ومختلف ألوان الطيف الشبابي، يشغلون مواقع مهمة في الدولة، بجانب أجيال تمثل مختلف الخبرات، وهذا يؤكد أن مصر تحتوي الجميع وترسخ نظرية تواصل الأجيال.
ثانياً: كل ألوان الطيف السياسي موجودون - أيضاً - في القاعة، من أقصي اليمين إلي اليسار، لا إقصاء ولا إبعاد ولا عزل لأي تيار، والأسماء الممثلة لكافة التيارات كثيرة ومتنوعة ويصعب حصرها.
ثالثاً: اهتمام الرئيس قولاً وفعلاً بأصحاب المؤتمر، وهم الشباب، ووضعهم في الصفوف الأولي بجانب كبار رجال الدولة، ومنحهم المساحة الأكبر في الحديث والتعليق، والاهتمام الكبير بالمرأة والبنات والشابات، اللاتي أضفين علي المكان بهجة وفرحة، بقدر فرحتهن بالمشاركة في المؤتمر.
رابعاً: الموضوعات كانت معبرة عن اللحظة، ومختارة بعناية ووعي، وتدور في ثلاثة محاور، الصحة والتعليم واستراتيجية بناء الإنسان المصري، والمناقشات لم تكن نظرية أو كلامية، ولكن تعكس تجارب عملية وخبرات مكتسبة، وخططاً وأفكاراً تدخل حيز التنفيذ.
خامساً: لم يخل المؤتمر من لقطات سوف تدون في ذاكرة التاريخ، مثل قيام الشباب بتقليد وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي رتبة الفريق أول، وهو تكريم جاء في وقته لرجل صامت، تصدي لجبروت الجماعة الإرهابية، حين أرادت التنكيل بشباب المتظاهرين في أحداث الاتحادية، وكان وقتها رئيساً للحرس الجمهوري، ورفض أن تخرج رصاصة واحدة من بندقية جندي أو ضابط مصري، لصدر شاب مصري، أراد أن يسترد بلاده من أنياب وأظافر الطغمة الباغية.
سادساً: فكرة بناء الإنسان المصري، هي الأساس، فلا تقدم ولا بناء ولا تنمية، إلا إذا أعيدت صياغة الأفكار والرؤي والمبادئ، لتهيئة جيل قادر علي المحافظة علي بلاده ونموها وتطورها، والموضوع يجب أن يكون مستمراً ومطروحاً، لأننا جميعاً نعترف بأن الشخصية المصرية تغيرت إلي الأسوأ في السنوات الأخيرة، ولكن كيف نستردها وما هو العلاج؟
مؤتمر الشباب السادس بجامعة القاهرة، أضاف طوبة جديدة في صرح تلك المؤتمرات، التي تضع الرئيس والدولة وكبار المسئولين في خدمة الشباب.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف