أخصص صباح الجمعة لكتابة مقال الأهرام الذى ينشر صباح الإثنين. هذا الأسبوع منذ أن بدأت التفكير فى المقال - والتفكير يسبق الكتابة ربما بأيام أو أسابيع أو شهور. وهى عملية تتم فى العقل الباطن لا سيطرة لى عليها خصوصاً عندما يتواكب الحدث الذى سأكتب عنه مع وقت وملابسات ونشر المقال. بدأ مؤتمر الشباب السادس أمس الأول السبت فى جامعة القاهرة. اختيار دقيق. فقاعة الاحتفالات الكبرى فى الجامعة الأم فى مصر والوطن العربى والعالم الثالث. شهدت الكثير من الاحتفالات فى تاريخنا الحديث. كان يقام فيها عيد العلم. وقامات ذلك الزمان كرمها جمال عبد الناصر ومنحها الأوسمة والنياشين. ولا تخوننى الذاكرة عندما أقول إننى شاهدت أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وطه حسين وعباس محمود العقاد ونجيب محفوظ. وهم يكرمون فى القاعة المهيبة. عندما تولى الدكتور محمد عثمان الخشت، رئاسة جامعة القاهرة. ويبدو أنه حاول أن يستعيد لجامعة المصريين والعرب بريق تاريخها. قام بتشكيل لجنة للنشاط الثقافي، كنت أحد أعضائها. وعقدنا اجتماعات فى أقرب مكان لقاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة. ويوم أن ذهبت أحسست برجفة فى النفس. لأن بعض الأماكن كما قال جمال حمدان لها عبقرية تعطيها التميز فى مواجهة الأماكن الأخري. والمكان مرتبط بذكرياته فى النفس.
مؤتمر الشباب السادس. ربما كان أول مؤتمر عام يعقد فى الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما يقع الاختيار على جامعة القاهرة. وقاعتها التاريخية التليدة. التى لو دوَّنا ما جرى فيها لأصبح لدينا سجل فريد لتاريخ العقل والخيال والإبداع والعِلم. اختيار المكان ليس مصادفة. وإن كنت لا أعرف شيئاً عن المناقشات التى سبقت الأمر. لكنه إشارة للرهان على مستقبل البلد. فجامعة القاهرة مصنع قدَّم لنا من الشباب من حملوا عبء أمانة انتقال الوطن من ماضيه إلى حاضره، والقدرة على الحلم بمستقبله. ولأننا نهتم بالماضى كثيراً. فأنا أمارس هوايتى فى البحث فيما جرى فى مؤتمرات الشباب التى لا نجد لها سابقة فى تاريخنا الحديث. إلا فى منظمة الشباب الاشتراكى التى تأسست فى الستينيات. وضمت شباب المصريين. وحاولت إعداد جيل جديد من السياسيين الذين يمكن أن تؤول إليهم مصائر البلد فى يوم من الأيام. بدلاً من ترك إعدادهم للمصادفة وللصواب والخطأ. انعقد المؤتمر الأول فى شرم الشيخ فى الأيام الأخيرة من أكتوبر، والأيام الأولى من نوفمبر 2016، أى قبل نحو عامين من الآن. وستة مؤتمرات فى عامين معدل جيد يعنى أننا قادرون على أن نبدأ الخطوة الأولي، ثم نعقبها بخطوات أخرى تشكل إضافات للبداية. وتُعمِّق ما جرى فى المؤتمر الأول عبر تكراره فى مؤتمرات أخرى وصلت للمؤتمر السادس. ما يبقى من المؤتمر توصياته عادة. وبالعودة لأوراقى الذى أصبح من عادتى ألا أتحرك دونها. ولأنه لم يتم توثيق المؤتمرات وما قيل فيها من مناقشات وجدل واختلاف فى الرؤى فى منشورات ورقية. ربما كانت هناك محاولات على النت لتوثيق ما جرى فى المؤتمرات الخمسة. ولكن النت له أصحابه وأنا لست واحداً منهم. ولا يجب أن ننسى أننى ابن الجيل الورقى الذى يعتبر أن التدوين الورقى يعنى الخلود. مثل بناء الأهرامات. كان من توصيات المؤتمر الأول: تشكيل لجنة وطنية من الشباب، وبإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، تقوم بإجراء فحص شامل ومراجعة لموقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، ولم تصدر بحقهم أى أحكام قضائية. وهذه التوصية عرفت طريقها للتنفيذ. وتم الإفراج عن عدد من المحبوسين بموجب قرارات اتخذتها لجنة أهلية كانت أهم عناصر فيها من الشباب.
التوصية الثانية: قيام رئاسة الجمهورية، بالتنسيق مع مجلس الوزراء ومجموعة من الرموز الشبابية بإعداد تصور سياسى لتدشين مركز وطنى لتدريب وتأهيل الكوادر الشبابية. وهو المركز الذى اتخذت خطوات وإجراءات قيامه بالفعل.
التوصية الثالثة: قيام رئاسة الجمهورية بالتنسيق مع جميع أجهزة الدولة نحو عقد مؤتمر شهرى للشباب يحضره عدد مناسب من ممثلى الشباب من مختلف الأطياف والاتجاهات يتم خلاله عرض ومراجعة موقف جميع التوصيات والقراءات الصادرة عن المؤتمر الوطنى الأول للشباب. وهى المؤتمرات التى أقيمت على مستوى المحافظات. ولا بد من الاعتراف بأننا لم نولها الاهتمام الذى تستحقه. ولم نتوقف أمامها بالطريقة التى كانت يجب أن تكون. ونظرنا إليها باعتبارها أنشطة تقام فى المحافظات. رغم أن مؤتمر الشباب الكبير بدأ خارج القاهرة. ولم يصل إلى القاهرة إلا بعد ذلك.
التوصية الرابعة: قيام الحكومة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة بدراسة مقترحات ومشروعات تعديل قانون التظاهر. وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قراراً جمهوريا بتعديل بعض أحكام قانون التظاهر، أى القانون رقم 107 لسنة 2013، المختص بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية. بعد إقراره من مجلس النواب.
التوصية الخامسة: قيام الحكومة بالإعداد لتنظيم عقد حوار مجتمعى لتطوير وإصلاح التعليم خلال شهر على الأكثر يحضره جميع المتخصصين والخبراء بهدف وضع ورقة وطنية لإصلاح التعليم خارج المسارات التقليدية. وعندما نعرف أن التعليم أحد محاور المؤتمر السادس الرئيسية. وأنه سيعرض على شباب مصر باعتبارهم الجمهور الأساسى المتعامل مع التعليم والمتلقى له. المشروع الكامل لتطوير التعليم. نكون بذلك قد اقتربنا من تحقيق التوصية.
التوصية السادسة: دعوة شباب الأحزاب والقوى السياسية لإعداد برامج وسياسات تسهم فى نشر ثقافة العمل التطوعى من خلال كل الوسائل والأدوات السياسية. والتوصية السابعة: تكليف الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب للإسراع بالانتهاء من إصدار التشريعات المنظمة للإعلام والانتهاء من تشكيل الهيئات والمجالس المنظمة للعمل الصحفى والإعلامي. وهو التشريع الذى أقره مجلس النواب بصرف النظر عن موقف كثير من القوى الإعلامية منه وهو موجود الآن ليوقعه الرئيس عبد الفتاح السيسى ليبدأ تنفيذ ما جاء فيه. أما التوصية الأخيرة فهى قيام الحكومة بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية وجميع الجهات المعنية بالدولة بتنظيم عقد حوار مجتمعى موسع لترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق ووضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الديني. إنه الموضوع الذى ما زال يراوح مكانه. مؤتمرات الشباب شبابيك مفتوحة للأمل.