فهمى السيد
بفهم الشعب المصري.. "فى آى بى"
ساقتنى الأقدار للذهاب إلى مدينة أسيوط للوقوف على مستجدات الأوضاع بمدارس "سيتم"، وما انتهى إليه الأمر من خلال مسئولى مدرسة "سيتم" للعلوم والتكنولوجيا للمتفوقين بأسيوط، وركبت قطارا مما يسمى "في آى بى"، وما هو بذلك إن هى إلا أسماء سماها دعاة تطوير السكك الحديدية، على غرار ما يفعله مسئولو التطوير بالتربية والتعليم، والتطوير بين الاثنين يكاد يكون متشابها إلى حد التطابق.
فالحقيقة أن مسئولي حقيبتي وزارة التعليم والنقل وبينهما هيئة السكة الحديدية لا يألون جميعهم جهدا في تطوير الحقيبتين، والشعب في حقيقية الأمر يلامس ذلك جيدا وعن قرب بصفته المستقبل للفكر التطويرى الخلاق، فكلنا إما راكب من ركاب القطارات أو لديه تلميذ يتتلمذ على يد المطورين للتعليم.
القطار الذى ساقتنى الأقدار لأكون ضمن ركابه، وأسعدنى ذلك كثيرا أن أكون من هؤلاء الذين يطلق عليهم الفئة الأهم والشخصيات المرموقة، فهم بشر لكن ينتمون للفئة الأولى من البشر المهمين، الذين من أجلهم يتم تطوير السكك الحديدية، فتفتق ذهن المسئولين عن التطوير لتحويل جميع القطارات إلى الفئة الأولى بالرعاية وما يطلق عليه قطارات "فى آى بى"، وهذا المسمى أصبح شائعا فى مجتمعنا وفاق فى ذيوع صيته مقولة "انت عارف بتكلم مين؟" أو "انت مش عارف أنا مين؟".. إلخ.
القطارات المسماة بهذا الاسم ما هي إلا ذات القطارات التي كان يركبها مواطنو هذا البلد وكان يطلق عليها المكيفة، وهي من هذا المسمي ببعيد، المهم أنها هي نفس القطارات مع تغيير العربات والكراسي والإنارة ورفع سعر تذكرتها إلى 3 أضعاف أو يزيد، والتغيير جاء في الشكل دون المضمون، فالزحام شديد والباعة الجائلون ووجهم المكشوف حدث ولا حرج، غير السرقات ومدعو الفقر والعوز والحاجة، غير المتسولين المحترفين، وسألت نفسي أين هم الـ "فى آى بى" من هؤلاء؟.
الإجابة التي وجدتها أننا أصبحنا في يوم وليلة فئات مهمة ومن أصحاب الشأن في الدولة المصرية وبين ليلة وضحاها أصبح الشعب المصري بفعل الفانوس السحري فى آى بى، فلا مكان بيننا لقاطني العشوائيات وملتحفي الكباري وساكني القبور، إلا إذا كان هذا من خطط التطوير المعنوي الذي نعيشه في التربية والتعليم والسكة الحديد والصحة وغيرها، وفهمت من ذلك أن الدولة على حق، فرفع الروح المعنوية للشعب وأن نمنحه اللقب الأهم فهذا لإسعاده ولتخفيف معاناته.
الشعب المصري اصبح شعبا من طراز فريد وألغيت منه الطبقية والطبقات، وأصبح شعبا واحدا بمسمى واحد ولا فرق فيه بين أبيض وأسود أو فقير وغنى، فالكل يعيش فوق أرض واحدة والكل ينعم ويتمتع بوسيلة نقل تسمى قطارات الـ"في آي بي" دون تمييز، أما حكاية مدارس "سيتم" فلها حديث آخر نستعرضه في مقال قادم.